خصائص
شهر رمضان
لما كان للصوم تلك الفضائل العظيمة والعواقب
الكريمة ; التي سبقت الإشارة إلى طرف منها , فرضه الله على
عباده شهرا في السنة , وكتبه عليهم كما كتبه على الذين من
قبلهم , كما قال سبحانه :
يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ
كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُونَ
[البقرة،
الآية: 183] فجعل سبحانه صيام رمضان فريضة على كل مسلم
ومسلمة , بشروطه المعتبرة , التي جاء بها الكتاب والسنة .
فدل على أنه عبادة لا غنى للخلق عن التعبد بها , لما يترتب
على أدائها من جليل المنافع وطيب العواقب , وما يحدثه من
خير في النفوس وقوة في الحق وهجر للمنكر وإعراض عن الباطل
.
ومما اختص الله به شهر رمضان , ما ثبت في
الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة
رواه البخاري . وفيه أيضا عن
أبي هريرة - رضي الله عنه -
قال : قال رسول الله , صلى الله عليه وسلم :
إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء ,
وغلقت أبواب جهنم , وسلسلت الشياطين
ولا يخفى ما في ذلك من تبشير المؤمنين بكثرة
الأعمال الصالحة الموصلة إلى الجنة , وما يتيسر لهم من
أسباب الإعانة عليها والمضاعفة لها وما جعله الله في رمضان
في دواعي الزهد في المعاصي والإعراض عنها , وضعف كيد
الشياطين وعدم تمكنهم مما يريدون.
ومن فضائل صوم رمضان , ما ثبت في الصحيحين
وغيرهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي , صلى
الله عليه وسلم , قال :
من
صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه
فمن صام الشهر مؤمنا بفرضيته
محتسبا لثوابه وأجره عند ربه , مجتهدا في تحري سنة نبيه ,
صلى الله عليه وسلم , فيه فليبشر بالمغفرة.
وإذا كان ثواب الصيام يضاعف بلا اعتياد عدد
معين , بل يؤتى الصائم أجره بغير حساب , فإن نفس عمل
الصائم يضاعف في رمضان , كما في حديث سلمان المرفوع وفيه :
من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير , كان كمن أدى فريضة
فيما سواه , ومن أدى فيه فريضة , كان كمن أدى سبعين فريضة
فيما سواه
فيجتمع للعبد في رمضان مضاعفة
العمل ومضاعفة الجزاء عليه .
فَضْلًا مِنْ
رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
[الدخان، الآية: 57]
ومن فضائل رمضان , أن الملائكة تطلب من الله
للصائمين ستر الذنوب ومحوها , كما في الحديث عن النبي ,
صلى الله عليه وسلم , قال في الصوام:
وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا
رواه الإمام أحمد عن
أبي هريرة والملائكة خلق أطهار كرام . جديرون بأن يقبل
الله دعاءهم , ويغفر لمن استغفروا له , والعباد خطاءون
محتاجون إلى التوبة والمغفرة كما في الحديث القدسي الصحيح
, يقول الله تعالى :
يا
عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا
فاستغفروني أغفر لكم
فإذا اجتمع للمؤمن استغفاره
لنفسه واستغفار الملائكة له , فما أحراه بالفوز بأعلى
المطالب وأكرم الغايات . وهو شهر المواساة والإحسان ,
والله يحب المحسنين وقد وعدهم بالمغفرة والجنة والفلاح
والإحسان أعلى مراتب الإيمان
, فلا تسأل عن منزلة من اتصف به في الجنة وما يلقاه من
النعيم وألوان التكريم .
آخِذِينَ
مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ
مُحْسِنِينَ
[الذاريات،
الآية: 16]
ويتيسر في هذا الشهر المبارك إطعام الطعام
وتفطير الصوام , وذلك من أسباب مغفرة الذنوب وعتق الرقاب
من النار , ومضاعفة الأجور , وورود حوض النبي , صلى الله
عليه وسلم , الذي :
من شرب
منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا
نسأل الله بمنه وجوده أن يوردنا
إياه . وإطعام الطعام من أسباب دخول الجنة دار السلام ,
ورمضان شهر تتوفر فيه للمسلمين أسباب الرحمة وموجبات
المغفرة , ومقتضيات العتق من النار , فما أجزل العطايا من
المولى الكريم الغفار .
وهو شهر الذكر والدعاء وقد قال تعالى :
وَاذْكُرُوا
اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
[الجمعة، الآية: 10]
وقال سبحانه :
وَالذَّاكِرِينَ
اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ
مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا
[الأحزاب، الآية: 35] وقال سبحانه:
وَادْعُوهُ
خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ
الْمُحْسِنِينَ
[الأعراف،
الآية: 56] وقد قال تعالى
في ثنايا آيات الصيام :
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي
قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ
[البقرة، الآية: 186]
مما يدل على الارتباط بين الصيام والدعاء.
وفي شهر رمضان , ليلة القدر التي قال الله في
شأنها :
لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ
[القدر، الآية: 3] قال أهل العلم معنى ذلك : أن
العمل فيها خير وأفضل من العمل في ألف شهر - وهي ما يقارب
ثلاثا وثمانين سنة - خالية منها وكفى بذلك تنويها بفضلها
وشرفها , وعِظَم شأن العمل فيها لمن وفق لقيامها - نسأل
الله تعالى أن يوفقنا على الدوام لذلك بمنه وجوده - وجاء
في الصحيح عن النبي , صلى الله عليه وسلم , قال :
من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له
ما تقدم من ذنبه
وهذا من فضائل قيامها وكفى به
ربحا وفوزا.
ومن خصائصه , فضل الصدقة فيه عنها في غيره ,
ففي الترمذي عن النبي , صلى الله عليه وسلم ,
سئل أي
الصدقة أفضل ؟ قال صدقة في رمضان
وثبت في الصحيحين عن ابن عباس -
رضي الله عنهما - قال :
كان رسول الله , صلى الله عليه وسلم ,
أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان , حين يلقاه جبريل
, فيدارسه القرآن . وكان جبرائيل يلقاه كل ليلة من شهر
رمضان , فيدارسه القرآن , فلرسول الله أجود بالخير من
الريح المرسلة
ورواه أحمد . وزاد
ولا يسأل شيئا إلا أعطاه
والجود : هو سعة العطاء بالصدقة
وغيرها.
وفي زيادة جوده , صلى الله عليه وسلم , في
رمضان اغتنام لشرف الزمان , ومضاعفة العمل فيه والأجر عليه
, فقد روي عنه , صلى الله عليه وسلم - كما في حديث سلمان -
أنه قال - في رمضان - :
من
تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه
, ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه
ولأن الجمع بين الصيام والصدقة
أبلغ في تكفير الخطايا والوقاية من النار , ففي الحديث
الصحيح الصوم جنة أي وقاية من النار وفي الصحيح أيضا قال ,
صلى الله عليه وسلم ,
اتقوا
النار ولو بشق تمرة
ومن خصائص رمضان أن العمرة فيه تعدل حجة , فقد
ثبت في الصحيحين عن النبي , صلى الله عليه وسلم أنه قال :
عمرة في رمضان تعدل حجة
وفي رواية:
حجة
معي
ومن خصائصه , أنه شهر القرآن
شَهْرُ
رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى
لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ
[البقرة، الآية: 185]
فللقرآن فيه شأن في إصلاح القلوب والهداية للتي هي
أقوم لمن تلاه وتدبره وسأل الله به , وكم جاء عن النبي ,
صلى الله عليه وسلم , من بيان لفضل تلاوة القرآن ؟ بقوله ,
صلى الله عليه وسلم:
الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ,
والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له
أجران
وقوله , صلى الله عليه وسلم :
اقرءوا القرآن فإنه يأتي شفيعا لأهله يوم
القيامة
وقوله , صلى الله عليه وسلم :
إن الله يرفع
بهذا الكتاب أقواما
وقوله , صلى الله عليه وسلم :
خيركم من تعلّم
القرآن وعلمه
وكلها أحاديث صحيحة , متضمنة
لأعظم البشارات لتالي القرآن عن تفكر وتدبر , فكيف إذا كان
في رمضان ؟ ! ! جعلنا الله من أهل القرآن الذين هم أهل
الله وخاصته.
الخميس 18 أبريل 2024, 4:44 pm من طرف عادل محمد عبده
» الجامع في أحكام صفة الصلاة للدبيان الجزء الأول
السبت 06 أبريل 2024, 11:28 am من طرف عادل محمد عبده
» لمسات بيانية الجديد 13 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع
الثلاثاء 02 أبريل 2024, 9:52 pm من طرف عادل محمد عبده
» لمسات بيانية الجديد 12 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع
الجمعة 29 مارس 2024, 1:37 pm من طرف عادل محمد عبده
» لمسات بيانية الجديد 11 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع
الإثنين 25 مارس 2024, 11:31 am من طرف عادل محمد عبده
» لمسات بيانية الجديد 10 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع
الخميس 21 مارس 2024, 11:41 am من طرف عادل محمد عبده
» لمسات بيانية الجديد 9 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع
الأحد 17 مارس 2024, 11:32 am من طرف عادل محمد عبده
» لمسات بيانية الجديد 8 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع
الأربعاء 13 مارس 2024, 4:29 pm من طرف عادل محمد عبده
» آداب العشرة وذكر الصحبة والأخوة كتاب الكتروني رائع
الجمعة 09 فبراير 2024, 5:02 pm من طرف عادل محمد عبده
» سلامة الصدر كتاب الكتروني رائع
الجمعة 26 يناير 2024, 4:22 pm من طرف عادل محمد عبده