( وَأَتَتْ )
أي (وتاء أتتْ)، والمقصود بها تاء التأنيث الساكنة، ومثالها (أتتْ هندُ)
ونقول: (الساكنة) لنميزها عن المتحركة التي تلحق الأسماء والحروف، نحو (هذه
مسلمةٌ)، فالتاء هنا منونة بتنوين الضم، ونجد أنها لحقت الاسم.
ونحو قوله تعالى (ولاتَ حِيْنَ مَنَاص) نجد أن التاء المفتوحة اتصلت بحرف النفي (لا).
ويذكر هنا أنه قد ورد تسكين التاء عند اتصالها بالحروف (رُبَّ و ثَمَّ) ولكنه قليل.
وبهذه العلامة - تاء التأنيث الساكنة - استُدِلَّ على أن (نِعْمَ و بِئْسَ و
عسى و ليس) أفعال، وقد خالف في ذلك بعض النحويين، وإليك تفصيل الخلاف (من
كتاب شرح قطر الندى - بتصرف):
- أما (نعم و بئس) فذهب الفراء وجماعة من الكوفيين إلى أنهما اسمان،
واستدلوا على ذلك بدخول حرف الجر عليهما كما جاء ذلك في قول بعضهم عندما
بُشِّرَ ببنت : (واللهِ ما هي بنعمَ الولدُ).
وقول الآخر وقد سار إلى محبوبته على حمار بطيء : (نعم السيرُ على بئس العيرُ).
- وأما (ليس) فذهب الفارسي إلى أنها حرف نفي بمنزلة (ما) النافية، وتبعه على ذلك أبو بكر بن شقير.
- وأما (عسى) فذهب الكوفيون إلى أنها حرف ترجٍّ بمنزلة (لعل) وتبعهم على ذلك ابن السَّرَّاج.
- والصحيح أن (نِعْمَ و بِئْسَ و عسى و ليس) أفعال بدليل اتصال تاء التأنيث
الساكنة بهنَّ، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (من توضَّأَ يوم الجمعة
فبها ونعمَتْ، ومن اغتسل فالغسل أفضل)، وكقولنا (بئست المرأةُ حمالةُ
الحطبِ)، وقولنا (ليست هندُ ظالمةً فعستْ أن تفلحَ).
- وأما ما استدل به الكوفيون فمؤوَّل على حذف الموصوف وصفته، وإقامة معمول
الصفة مقامها، فيكون التقدير (واللهِ ما هي بولدٍ مَقُوْلٍ فيه نعمَ
الولدُ)، فالموصوف هو (ولد)، والصفة هي (مقول)، والذي قام مقامها هو معمول
الصفة وهو (نعم الولد) لأنه مقول القول.
ويكون التقدير في المثال الثاني (نعم السيرُ على عيرٍ مقولٍ فيه بئس العيرُ).
فحرف الجر - الذي استدلوا به على اسمية نعم وبئس - قد دخل في الحقيقة على اسم محذوف، ويؤيده قول الشاعر:
واللهِ ما ليلي بِنامَ صاحبُهُ | ولا مخالط الليان جانبُهُ |
فدخل حرف الجر هنا على الفعل الماضي (نام)، فهل يقال إن (نام) اسم ؟!!
والتقدير: (والله ما ليلي بليل مقول فيه نام صاحبه).
تَذَكَّرْ: أن الجر - الذي هو من
علامات الاسم - ليس المقصود به حرف الجر لأنه قد يدخل - لفظاً - على ما ليس
باسم -كما في مثالنا هذا-، بل المقصود به هو ما يحدثه عامل الجر، سواء
أكان جراً بحرف الجر أم بالإضافة أم بالتبعية، وبذلك يزول الإشكال. (انظر
الدرس السابق).
*الفرق بين تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة*
تاء الفاعل | تاء التأنيث الساكنة |
- لها محل من الإعراب حيث تأتي في محل رفع فاعل أو نائب فاعل | - لا محل لها من الإعراب |
- متحركة دائماً إما بالفتح أو الضم أو الكسر | - ساكنة دائماً إلا عند التقاء الساكنين فتحرَّك بالكسر |
- يبنى الفعل الماضي معها على السكون | - يبنى الفعل الماضي معها على الفتح |
وليتضح الفرق أكثر، انظر إلى المثالين التاليين:
- (أصبْتِ يا هندُ)
أصبْتِ: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بأحد ضمائر الرفع المتحركة (التاء)، والتاء: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
- (أصابَتِ الفتاةُ)
أصابَت: فعل ماضٍ مبني على الفتح، والتاء: تاء التأنيث لا محل لها من الإعراب، وحِّكت بالكسر لالتقاء الساكنين.
الفتاة: فاعل مرفوع بالفعل وعلامة رفعه الضمة.
ملاحظة: تشترك التاءان بدخولهما على الفعل الماضي دون غيره من الأفعال،
لذلك سيعدهما المصنف فيما يأتي يميزان الفعل الماضي عن المضارع والأمر،
والذي يعنينا هنا أنهما علامتان تميزان الفعل عن الاسم والحرف.
الإثنين 13 مايو 2024, 6:40 pm من طرف عادل محمد عبده
» الجامع في أحكام صفة الصلاة للدبيان 4 كتاب الكتروني رائع
الجمعة 03 مايو 2024, 11:37 am من طرف عادل محمد عبده
» حديث قل آمنت بالله ثم استقم وقفات وتأملات كتاب الكتروني رائع
الثلاثاء 30 أبريل 2024, 6:11 pm من طرف عادل محمد عبده
» الجامع في أحكام صفة الصلاة للدبيان 3 كتاب الكتروني رائع
الخميس 18 أبريل 2024, 4:44 pm من طرف عادل محمد عبده
» الجامع في أحكام صفة الصلاة للدبيان الجزء الأول
السبت 06 أبريل 2024, 11:28 am من طرف عادل محمد عبده
» لمسات بيانية الجديد 13 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع
الثلاثاء 02 أبريل 2024, 9:52 pm من طرف عادل محمد عبده
» لمسات بيانية الجديد 12 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع
الجمعة 29 مارس 2024, 1:37 pm من طرف عادل محمد عبده
» لمسات بيانية الجديد 11 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع
الإثنين 25 مارس 2024, 11:31 am من طرف عادل محمد عبده
» لمسات بيانية الجديد 10 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع
الخميس 21 مارس 2024, 11:41 am من طرف عادل محمد عبده
» لمسات بيانية الجديد 9 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع
الأحد 17 مارس 2024, 11:32 am من طرف عادل محمد عبده