الدرس الرابع
أغراض الخبر
ما من مُتكلم يُلقي إلى
السامع خبرًا جُزافًا، فلا بدَّ أن يكون له غرضٌ من إلقاء هذا الخبر. لو
نظرنا إلى معلم كيف يلقي لطلبته قاعدةً ما، ليس لهم بها عِلمٌ من قَبْل،
فيفسرها، ويعرض للطالب أمثلة لتوضيحها، والطالب يعلم أن غرض معلمه من ذلك
كله هو إفادته بما يجهله من تلك القاعدة، وما أشبه حال هذا المعلم بحال ابن
مالك وهو يعلمنا في ألفيته الشهيرة التي مطلعها:
كلامُنا لفظٌ مفيدٌ كاستقم.... واسمٌ وفعلٌ ثمَّ حرفٌ الكَلِم
فهو يفيد المخاطبين بأشياءَ لم يكونوا على عِلم بها، إذ يبين أن الكلام يجب أن يفيد معنى، ويضرب مثالا على ذلك، وهو لفظ (استقم) ثم يعدد أنواع الكلم: الاسم والفعل والحرف. وهذا النوع من الأخبار يكون الغرض من إلقائه هو (فائدة الخبر) .
لكن ماذا لو قال ابن لأبيه:
لقد أدَّبتني باللين والرِّفق لا بالقسوة والعقاب
من المؤكد أن الغرض من إلقاء الخبر هنا قد تغير ولم يعد (فائدة الخبر)
كما تقدم؛ لأن الأب حتمًا أعلم الناس بالكيفية التي ربَّى بها ابنه،
والخبر هنا لم يُضِفْ إلى معرفته جديدًا، والسؤال الذي يبرزُ هنا هو: ما
الغرض إذن من إلقاء الخبر في عبارة الابن؟
إن غرض الابن أن يُعْلم أباه أنه (الابن) عالم بما يتضمنه الكلام، وهنا يكون الغرض من إلقاء الخبر هو (لازم الفائدة) ويعني إفادة المخاطَب أن المتكلم عالم بالحُكْم.
إن الغرضين اللذين
ذكرناهما من أغراض إلقاء الخبر هما الغرضان الرئيسان، لكنَّ هناك أغراضًا
أُخَر من إلقاء الخبر يمكننا أن نتعرفهما بتدبر سياق الحديث.
دعونا ننظر الآن في قول المازني:
إذا ما المَوتُ رَنَّقَ في جُفونـي....وبات بِكَـفِّه يـومًا زِمامي
فما يغني خيالٌ من حبيبٍ.... يَزورُك بالتَّحيَّة والسَّلام
فهو لم يرد من الخبر(فائدة الخبر) ولم يرد كذلك (لزوم الفائدة) إنَّما أراد إظهار تحسره على عدم فائدة زيارة الحبيب إذا حلَّ به الموت.
ثم ننظر في قوله(صلى الله عليه وسلم):
" المسلمُ مَنْ سلمَ الناسُ من لسانه ويده"
فإنه لا يخفى أنَّ الرسول (صلى الله عليه وسلم) إنما أراد أن يعظنا بالكفِّ عن إيذاء الآخرين قولا وفعلا، ويرشدنا إلى الحسن من القول والعمل.
ولعلنا ندرك أن الغرض من إلقاء الخبر هو الفخر في قول أبي فراس الحمداني:
ونحنُ أُناسٌ لا تَوسُّطَ بيننا ... لنا الصدرُ دون العالمين أو القبر
وندرك أيضا أن غرض الخبر هو المدح في قول شوقي مخاطبا الرسول (صلى الله عليه وسلم) :
أخوكَ عيسى دعا ميتًا فقام له... وأنتَ أحييتَ أجيالا من الرِّمم
ويظهر الاسترحام جليِّا في قوله تعالى على لسان يونس عليه السلام، وهو في بطن الحوت يناجي ربه: " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"
أغراض الخبر
ما من مُتكلم يُلقي إلى
السامع خبرًا جُزافًا، فلا بدَّ أن يكون له غرضٌ من إلقاء هذا الخبر. لو
نظرنا إلى معلم كيف يلقي لطلبته قاعدةً ما، ليس لهم بها عِلمٌ من قَبْل،
فيفسرها، ويعرض للطالب أمثلة لتوضيحها، والطالب يعلم أن غرض معلمه من ذلك
كله هو إفادته بما يجهله من تلك القاعدة، وما أشبه حال هذا المعلم بحال ابن
مالك وهو يعلمنا في ألفيته الشهيرة التي مطلعها:
كلامُنا لفظٌ مفيدٌ كاستقم.... واسمٌ وفعلٌ ثمَّ حرفٌ الكَلِم
فهو يفيد المخاطبين بأشياءَ لم يكونوا على عِلم بها، إذ يبين أن الكلام يجب أن يفيد معنى، ويضرب مثالا على ذلك، وهو لفظ (استقم) ثم يعدد أنواع الكلم: الاسم والفعل والحرف. وهذا النوع من الأخبار يكون الغرض من إلقائه هو (فائدة الخبر) .
نتبين مما سبق أن الغرض من إلقاء الخبر يكون (فائدة الخبر) إذا قصد المتكلم أن يعرّف المخاطب معلومات لم يتقدم له علم بها. | ||
لكن ماذا لو قال ابن لأبيه:
لقد أدَّبتني باللين والرِّفق لا بالقسوة والعقاب
من المؤكد أن الغرض من إلقاء الخبر هنا قد تغير ولم يعد (فائدة الخبر)
كما تقدم؛ لأن الأب حتمًا أعلم الناس بالكيفية التي ربَّى بها ابنه،
والخبر هنا لم يُضِفْ إلى معرفته جديدًا، والسؤال الذي يبرزُ هنا هو: ما
الغرض إذن من إلقاء الخبر في عبارة الابن؟
إن غرض الابن أن يُعْلم أباه أنه (الابن) عالم بما يتضمنه الكلام، وهنا يكون الغرض من إلقاء الخبر هو (لازم الفائدة) ويعني إفادة المخاطَب أن المتكلم عالم بالحُكْم.
نتبين مما سبق أن الغرض من إلقاء الخبر يكون (لازم الفائدة) إذا قَصَدَ المتكلم أن يُظهر للمخاطب أنه يعرف المعلومات التي تضمنتها الجملة الخبريَّة . | ||
إن الغرضين اللذين
ذكرناهما من أغراض إلقاء الخبر هما الغرضان الرئيسان، لكنَّ هناك أغراضًا
أُخَر من إلقاء الخبر يمكننا أن نتعرفهما بتدبر سياق الحديث.
دعونا ننظر الآن في قول المازني:
إذا ما المَوتُ رَنَّقَ في جُفونـي....وبات بِكَـفِّه يـومًا زِمامي
فما يغني خيالٌ من حبيبٍ.... يَزورُك بالتَّحيَّة والسَّلام
فهو لم يرد من الخبر(فائدة الخبر) ولم يرد كذلك (لزوم الفائدة) إنَّما أراد إظهار تحسره على عدم فائدة زيارة الحبيب إذا حلَّ به الموت.
ثم ننظر في قوله(صلى الله عليه وسلم):
" المسلمُ مَنْ سلمَ الناسُ من لسانه ويده"
فإنه لا يخفى أنَّ الرسول (صلى الله عليه وسلم) إنما أراد أن يعظنا بالكفِّ عن إيذاء الآخرين قولا وفعلا، ويرشدنا إلى الحسن من القول والعمل.
ولعلنا ندرك أن الغرض من إلقاء الخبر هو الفخر في قول أبي فراس الحمداني:
ونحنُ أُناسٌ لا تَوسُّطَ بيننا ... لنا الصدرُ دون العالمين أو القبر
وندرك أيضا أن غرض الخبر هو المدح في قول شوقي مخاطبا الرسول (صلى الله عليه وسلم) :
أخوكَ عيسى دعا ميتًا فقام له... وأنتَ أحييتَ أجيالا من الرِّمم
ويظهر الاسترحام جليِّا في قوله تعالى على لسان يونس عليه السلام، وهو في بطن الحوت يناجي ربه: " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"
نتبين مما سبق: أن الخبر قد يخرج إلى أغراض كثيرة منها: التَّحسر، والوعظ، والإرشاد، والفخر، والمدح، والاسترحام. | ||
وإلى اللقاء مع التدريبات
الإثنين 13 مايو 2024, 6:40 pm من طرف عادل محمد عبده
» الجامع في أحكام صفة الصلاة للدبيان 4 كتاب الكتروني رائع
الجمعة 03 مايو 2024, 11:37 am من طرف عادل محمد عبده
» حديث قل آمنت بالله ثم استقم وقفات وتأملات كتاب الكتروني رائع
الثلاثاء 30 أبريل 2024, 6:11 pm من طرف عادل محمد عبده
» الجامع في أحكام صفة الصلاة للدبيان 3 كتاب الكتروني رائع
الخميس 18 أبريل 2024, 4:44 pm من طرف عادل محمد عبده
» الجامع في أحكام صفة الصلاة للدبيان الجزء الأول
السبت 06 أبريل 2024, 11:28 am من طرف عادل محمد عبده
» لمسات بيانية الجديد 13 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع
الثلاثاء 02 أبريل 2024, 9:52 pm من طرف عادل محمد عبده
» لمسات بيانية الجديد 12 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع
الجمعة 29 مارس 2024, 1:37 pm من طرف عادل محمد عبده
» لمسات بيانية الجديد 11 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع
الإثنين 25 مارس 2024, 11:31 am من طرف عادل محمد عبده
» لمسات بيانية الجديد 10 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع
الخميس 21 مارس 2024, 11:41 am من طرف عادل محمد عبده
» لمسات بيانية الجديد 9 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع
الأحد 17 مارس 2024, 11:32 am من طرف عادل محمد عبده