منتدى درة الغواص

مرحبا بك عزيزنا الزائر فى منتدى درة الغواص
نتمنى لك الاستفادة من وجودك فى المنتدى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى درة الغواص

مرحبا بك عزيزنا الزائر فى منتدى درة الغواص
نتمنى لك الاستفادة من وجودك فى المنتدى

منتدى درة الغواص

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

للكتاب الإسلامي وعلوم اللغة العربية والشرعية


  • إرسال موضوع جديد
  • إرسال مساهمة في موضوع

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي

mr.aladdin
mr.aladdin
الإدارة
الإدارة

تاريخ التسجيل : 08/10/2011
عدد المساهمات : 6509
العمر : 63
دعاءكتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Uo_ouo10

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Empty كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي

مُساهمة من طرف mr.aladdin السبت 08 أكتوبر 2011, 11:23 pm

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي



ملخص عن الكتاب:

اسم المؤلف: العمراني

اسم المؤلف: المناوي
محمد عبد الرءوف بن تاج العارفين ابن علي بن زين العابدين الحدادي ثم
المناوي القاهري، زين الدين. ولد سنة (952 هـ) من كبار العلماء بالدين
والفنون. انزوى للبحث والتصنيف، وكان قليل الطعام كثير السهر، فمرض وضعفت
أطرافه، فجعل ولده تاج الدين محمد يستملي منه تآليفه. له نحو ثمانين
مصنفًا، منها الكبير والصغير والتام والناقص. عاش في القاهرة، وتوفي بها
سنة (1031 هـ).


كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي 89ag110
.[مقدمة المؤلف]:الحمد
لله الذي أوجدنا بقدرته، وأرشدنا بخلقه إلى معرفته، وتعبدنا بما شاء من
عبادته، وصلواته على محمد المصطفى نبيه خير بريته، وعلى أهله وذريته
وصحابته.
أما بعد: فلما كان مذهب الشافعي رحمة الله عليه اعتقادي، وفي
"المهذب" درسي، وعليه اعتمادي، ثم طالعت في غيره من مصنفات أئمتنا - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ - مسائل غير مذكورة فيه، يصعب علي استخراجها وانتزاعها
من معانيه، فأشار علي بعض شيوخي رحمة الله عليهم بمطالعة الشروح وجمعها،
والتقاط هذه المسائل ونزعها، لأستعين بمطالعته مع "المهذب"، على المسائل
المنصوص عليها في المذهب.. فجمعت كتابا قبل هذا، سلكت فيه هذا السبيل، لكني
أغفلت البروز فيه وأقوال المخالفين، خشية التطويل، ثم نظرت، فإذا لي حاجة
إلى ذكر ما أغفلته، واستيفاء ما تركته وأهملته، فجمعت هذا الكتاب مشتملًا
من ذلك على ما قصدته، وعلى ترتيب "المهذب" رتبته، والله أسأل العون على ما
أردته، والتوفيق في ما نويته، وهو حسبي ونعم الوكيل، ونعم المولى ونعم
النصير.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top. ذكر نسب الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:
لا ينبغي لمن انتحل مذهب إمام أن يجهل نسبه.
وهو
محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن الشافع بن السائب بن عبيد بن عبد
يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف جد النبي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. وكان لعبد مناف خمسة
أولاد: هاشم بن عبد مناف جد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،
والمطلب بن عبد مناف جد الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وعبد شمس بن عبد
مناف جد بني أمية، وعثمان بن عفان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - منهم، ونوفل
بن عبد مناف جد بني نوفل، وجبير بن مطعم منهم، وأبو عمرو بن عبد مناف ولا
عقب له.
وكان المطلب جد الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - كفل عبد المطلب بن
هاشم جد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه ولد بالمدينة،
ومات أبوه، فمضى له المطلب، وقدم به مكة وهو رديفه، وعليه ثياب رثة، فإذا
سئل عنه.. استحيا أن يقول: إنه ابن أخي، فكان يقول: عبد لي، فلما وصل
منزله.. ألبسه ثم أخرجه، وقال: هذا ابن أخي، فسمي بذلك: عبد المطلب، وكان
اسمه المطلب، وكان يسمى شيبة الحمد؛ لأنه ولد وفي رأسه شعرة بيضاء، وقيل:
إن شافعا لقي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو مراهق
للبلوغ.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.وأما مولد الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:
فإنه
ولد بـ (غزة) - قرية من قرى الشام - سنه خمسين ومائة، فمكث بها سنتين، ثم
حمل إلى مكة، فنشأ بها، وتعلم بها القرآن، على سفيان بن عيينة، وغيره، ثم
خرج إلى المدينة، فقرأ على مالك بن أنس "الموطأ" وحفظه، ثم دخل بغداد،
وأقام به سنين، وصنف بها كتبه القديمة، ثم عاد إلى مكة، وأقام بها سنة تسع
وسبعين، ثم عاد إلى بغداد، وأقام بها أشهرًا، ولم يصنف بها شيئًا، ثم خرج
إلى مصر، فصنف بها كتبه الجديدة، وأقام بها إلى أن مات بها ودفن هنالك،
وكان موته ليلة الجمعة، وقد صلى العشاء الآخرة آخر ليلة من شهر رجب، ودفن
في يوم الجمعة. رحمة الله عليه.
قال الربيع: انصرفنا من دفن الشافعي -
رَحِمَهُ اللَّهُ - فرأينا هلال شعبان، وكان ذلك في سنة أربعة ومائتين،
وكان عمره أربعًا وخمسين سنة.
وأصحابه البغداديون: الحسن بن محمد بن
الصباح الزعفراني، والحسين الكرابيسي، وأبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي،
وأحمد بن حنبل، وهم الذين يروون عنه الكتب القديمة.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.وأما أصحابه المصريون الذين يروون عنه الكتب الجديدة:
فإسماعيل
بن يحيى المزني، والربيع بن سليمان المرادي، والربيع بن سليمان الجيزي،
ويوسف بن يحيى البويطي، وحرملة بن يحيى التجيبي، ويونس بن عبد الأعلى.
وإنما
اخترنا مذهبه؛ لموافقته الكتاب والسنة والقياس. وأمرنا المتعلم أن يتعلم
مذهبه؛
لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الأئمة من قريش»، وقال -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تعلموا من قريش ولا تعلموها»،
وروي: «ولا تعالموها، فإن عالمها يملأ الأرض علمًا»، وقال - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الناس في هذا الشأن تبع لقريش، فمسلمهم
تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم».
وليس في الأئمة المشهورين قرشي غير الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فكان اتباعه أولى من اتباع غيره.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.وأما تخريج الأئمة المسألة على قولين وأكثر، فعلى معنى:
أن
كل قول سوى ذلك باطل، وليس على سبيل الجمع، ولا على سبيل التخيير، وقد
يقوم للمجتهد الدليل على إبطال كل قول سوى قولين، فلم يظهر له الدليل في
تقديم أحدهما على الآخر، فيخرجهما على قولين، وهذا كما فعل عمر - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ - حيث قال: (الخلافة بعدى في هؤلاء الستة)؛ ليدل على أن
الخلافة ليست في غيرهم.
وقد قيل: إن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - لم يمت حتى بين الصحيح من أقواله إلا في ست عشرة مسألة، أو سبع عشرة مسألة.
mr.aladdin
mr.aladdin
الإدارة
الإدارة

تاريخ التسجيل : 08/10/2011
عدد المساهمات : 6509
العمر : 63
دعاءكتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Uo_ouo10

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Empty رد: كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي

مُساهمة من طرف mr.aladdin السبت 08 أكتوبر 2011, 11:24 pm

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[كتاب الطهارة]
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.باب ما يجوز به الطهارة من المياه، وما لا يجوز به
قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48].
إذا الطهور عندنا: هو الطاهر في نفسه، المطهر لغيره، وهو اسم متعد، وتعديته: تطهيره لغيره من الحدث والنجس.
وقال أبو حنيفة، والأصم: (هو اسم لازم غير متعد يعم جميع الطاهرات).
وأجاز أبو حنيفة إزالة النجاسة بغير الماء من المائعات، كالخل. وأجاز الأصم رفع الحدث بالمائعات الطاهرة غير الماء: كاللبن، والخل.
دليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خلق الله الماء طهورًا».
وقال
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في البحر: «هو الطهور ماؤه، الحل
ميتته». فخص الماء باسم الطهور، فدل ذلك على أنه لا يسمى غيره بهذا الاسم.
إذا
ثبت هذا: فيجوز رفع الحدث، وإزالة النجس بالماء المطلق، كماء المطر، وذوب
الثلج
والبرد، وماء الآبار والأنهار؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُنَزِّلُ
عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11].
وروي: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يتوضأ من بئر بضاعة».
وأما الثلج والبرد قبل أن يذوبا: فيجوز مسح الرأس والخف بهما لا غير.
وقال الأوزاعي (إذا أمره على العضو المغسول.. أجزأه).
والدليل على أنه لا يجوز: أن أقل الطهارة جري الماء بطبعه على العضو المغسول، وهذا لا يوجد فيهما قبل أن يذوبا.
وتجوز
الطهارة بماء البحر مع وجود غيره من الماء، ومع عدمه، وهو قول كافة
العلماء، إلا ما حكي عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو: أنهما قالا:
(التيمم أعجب إلينا منه).
وقال ابن المسيب: إن كان واجدًا لغيره من الماء.. لم يجز الوضوء به، وإن لم يجد غيره.. جاز الوضوء به.
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}
[النساء: 43]. وماء البحر يسمى ماءً. وروى أبو هريرة: أن رجلًا قال: يا
رسول الله إنا نركب في البحر أرماثًا، ومعنا القليل من الماء فإن توضأنا به
عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
«هو الطهور ماؤه الحل ميتته»، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من لم يطهره البحر، فلا طهره الله».
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[مسألة: الماء المشمس]
وأما
الماء المشمس: فإن لم يقصد إلى تشميسه.. لم تكره الطهارة به؛ لأنه لا يمكن
صون الماء عن الشمس، وإن قصد إلى تشميسه.. فهل تكره الطهارة به؟ فيه خمسة
أوجه:
أحدهما: وهو المنصوص - (أنه يكره)؛ لما روي: أن عائشة - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا - سخنت ماء بالشمس، فقال لها النبي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يا حميراء، لا تفعلي هذا، فإنه يورث البرص»،
تقول العرب: امرأة حميراء أي: بيضاء. وروي: أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ - كان ينهى عن الماء المشمس، وقال: (إنه يورث البرص)، فذكر أن رجلًا
عانده في ذلك، وكان يتطهر به، فما مات حتى أصابه البرص.
وسواء شمس بالحجارة أو النحاس أو الزجاج، وفي الإناء المغطى والمكشوف.. فإنه يكره.
والوجه الثاني: لا يكره بحال، وهو قول أبو حنيفة، كما لا يكره ما تشمس بنفسه في البرك والأنهار.
والثالث: إن شمس في البلاد الحارة في آنية الصفر.. كره؛ لأنه يورث البرص، وإن شمس بغير ذلك.. لم يكره؛ لأنه لا يورث البرص.
والرابع - حكاه الشاشي - يكره في البدن، دون الثوب.
والخامس
- حكاه أيضًا - إن قال عدلان من أهل الطب: إنه لا يورث البرص.. فلا يكره،
وإن قال يورث.. كره، وهذا ضعيف؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - قد أخبر أنه يورث البرص، فلا معنى للرجوع إلى قول أهل الطب.
فإن قلنا: يكره، فبرد الماء المشمس.. فهل تزول كراهة الطهارة به؟
سمعت بعض شيوخي يحكي فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: تزول الكراهة، لزوال التشميس.
والثاني: لا تزول الكراهة؛ لأنه لا يزول عنه اسم التشميس.
والثالث:
يرجع إلى عدلين من أطباء المسلمين، فإن قالا: لا يورث البرص.. زالت
الكراهة، وإن قال: يورث.. كره؛ لأن العلة في كراهته خوف البرص، فرجع إليهم
في ذلك بعد التبريد.
فإن توضأ بالماء المشمس.. ارتفع حدثه؛ لأن المنع منه لخوف البرص، فلم يمنع صحة الطهارة، كما لو توضأ بماء حار أو بارد يخاف منه.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[فرع: الماء المسخن]
وإن
سخن الماء بالنار.. لم تكره الطهارة به، سواء سخن بالوقود الطاهر أو
النجس. وقال مجاهد: تكره الطهارة به بكل حال. وقال أحمد: (إن سخن بالوقود
النجس.. كرهت الطهارة به، وإن سخن بالوقود الطاهر.. لم تكره).
دليلنا: (أنه كان يسخن لعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ماء في قمقم، فكان يتوضأ به).
وروى «الأسلع
بن شريك قال:أجنبت وأنا مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
في سفر، فجمعت أحجارًا، وسخنت ماء، فاغتسلت به، فأخبرت النبي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك، فلم ينكر علي».
وروى ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل حمامًا بالجحفة، فاغتسل منه».
ولا يكره الوضوء والغسل بماء زمزم.
وقال
أحمد في إحدى الروايتين عنه: (يكره)؛ لما روي عن العباس بن عبد المطلب:
أنه قال في ماء زمزم: (لا أحلها لمغتسل، وهي لشارب حل وبل).
دليلنا:
قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43].
وهذا ماء؛ ولأن الناس يفعلون ذلك من لدن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - إلى وقتنا هذا من غير إنكار.
وأما ما روي عن العباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فيتحمل أنه نهى عن ذلك في وقت قل الماء فيها، وكثر من يطلب الشرب منها.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[مسألة: الماء غير المطلق]
قال
الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (وما عدا ذلك من ماء ورد، أو شجر،
أو عصفر، أو ماء زعفران، أو عرق.. فلا يجوز التطهر به).
وهذا كما قال:
لا يجوز رفع الحدث بغير الماء المطلق من المائعات الطاهرة، كـ (ماء الورد):
وهو الماء الذي يعتصر من الورد. و (ماء الشجر): وهو أن يقطع الشجر رطبًا،
فيجري منه الماء، و (ماء العصفر والزعفران): وهو ما اعتصر منهما.
وبه قال عامة أهل العلم، إلا الأصم، فإنه قال: يجوز رفع الحدث بكل مائع طاهر.
دليلنا:
قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43]،
فنقلهم من الماء عند عدمه إلى التيمم، فدل على أنه لا يجوز الطهارة بغيره.
وأيضًا:
فإن الصحابة - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - قد كانوا يسافرون، فيعدمون
الماء، فيتيممون، وما روي أن أحدًا منهم توضأ بمائع غير الماء.
وأما (العرق): ففيه ثلاث روايات:
(الأولى): قيل: عرق - بفتح العين والراء - وهو عرق الآدميين وغيرهم.
و (الثانية): قيل: عرق - بكسر العين وسكون الراء - وهو ماء عروق الشجر.
و (الثالثة): قيل: عرق - بفتح العين وسكون الراء - وهو الماء الذي يعتصر من أكراش الإبل، كانت العرب تفعله في المفاوز.
والجميع لا تجوز الطهارة به.
أما الأولان: فلما قدمناه. وأما الثالث: فلأنه نجس.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[مسألة: الطهارة بشيء من الأنبذة]
ولا تجوز الطهارة بشيء من الأنبذة.
وقال أبو حنيفة: (يجوز الوضوء بنبيذ التمر المطبوخ في السفر عند عدم الماء).
دليلنا: قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}
[المائدة: 6]. فنقلهم عند عدم الماء إلى التيمم، فدل على أنه لا يجوز
الوضوء بغيره من المائعات. إذ لو جاز الوضوء بغيره من المائعات.. لكان
النقل إليه أقرب من التراب؛ لأنه أقرب إلى صفة الماء.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[فرع: إزالة النجاسة بالمائعات]
ولا تجوز إزالة النجاسة بغير الماء من المائعات.
وقال أبو حنيفة: (تجوز إزالة النجاسة بكل مائع طاهر مزيل للعين، كالخل).
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11]. فخص الماء بالتطهير.
وروي
«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لأسماء بنت أبي بكر
في دم الحيض يصيب الثوب: حتيه واقرصيه، ثم اغسليه بالماء». فخص الماء
بالغسل به، فدل على أنه لا يجوز بغيره.
و (الحت): هو أن تحكه بضلع أو جريدة. و (القرص): أن يفرك باليد، يراد بذلك المعونة للماء.
وقد روي «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لأم قيس بنت محصن: حكيه بضلع، ثم اغسليه بماء وسدر». وبالله التوفيق.
mr.aladdin
mr.aladdin
الإدارة
الإدارة

تاريخ التسجيل : 08/10/2011
عدد المساهمات : 6509
العمر : 63
دعاءكتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Uo_ouo10

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Empty رد: كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي

مُساهمة من طرف mr.aladdin السبت 08 أكتوبر 2011, 11:24 pm

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[باب ما يفسد الماء من الطاهرات وما لا يفسده]
إذا
اختلط بالماء شيء طاهر، ولم يتغير به الماء لقلة المخالط.. لم تمنع
الطهارة بالماء؛ لأن الماء باق على إطلاقه. وإن لم يتغير الماء بما خالطه
من الطاهرات التي تسلب تطهير الماء إذا غيرته لا لقلة المخالط، ولكن
لموافقته الماء في صفاته، كالعرق، وماء الورد إذا انقطعت رائحته.. قال ابن
الصباغ: وهذا يبعد؛ لأنه لا بد أن ينفرد عنه بطعم، فإن اتفق ذلك.. ففيه
وجهان:
أحدهما: يعتبر هذا المخالط بغيره من الطاهرات التي تغير صفته صفة
الماء، فيقال: لو كان هذا المخالط من الطاهرات التي تخالف صفتها صفة
الماء.. هل كانت تتغير صفة هذا الماء به؟
فإن قيل: نعم.. قيل: فهذا أيضًا يمنع الطهارة به وإن لم يتغير الماء.
وإن
قيل: لا يتغير صفة هذا الماء.. قيل: فكذا هذا أيضًا لا تمنع الطهارة به؛
لأنه لما لم يمكن اعتبار هذا المخالط بنفسه، لموافقته الماء في الصفة..
اعتبر بغيره مما يخالف الماء، كما نقول - في الجناية على الحر التي ليس لها
أرش مقدر -: لما لم يتمكن اعتبارها بنفسها.. اعتبرت بالجناية على العبيد.
قال
ابن الصباغ: وهذا يبعد؛ لأن الأشياء تختلف في ذلك، فبأيها تعتبر؟ فإن قال:
بأدناها صفة إلى الماء.. قيل: فاعتبر هذا المخالط بنفسه، فإن له صفة ينفرد
بها عن الماء.
والوجه الثاني - وهو الصحيح -: إن كان الماء أكثر من
المخالط له.. جازت الطهارة به؛ لبقاء إطلاق اسم الماء عليه. وإن كان
المخالط له أكثر من الماء.. لم تجز الطهارة به؛ لأن إطلاق اسم الماء يزول
بذلك.
وإن كان المخالط للماء المطلق ماء مستعملًا في الحدث، وقلنا: إنه
ليس بمطهر.. فإن الشيخ أبا حامد وابن الصباغ قالا: يكون الاعتبار هاهنا
بالكثرة وجهًا واحدًا. وقال القاضي أبو الطيب: هي على وجهين، كما لو خالطه
ماء ورد انقطعت رائحته، أو عرق.
إذا ثبت هذا: فذكر الشيخ أبو إسحاق في
"المهذب": إذا احتاج في طهارته إلى خمسة أرطال ماء، ومعه أربعة أرطال ماء،
فكمله برطل من مائع لم يتغير به، كماء ورد انقطعت رائحته.. فهل تجوز
الطهارة به؟ فيه وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي علي الطبري، وأبي حنيفة -:
(أنه لا تصح الطهارة به)؛ لأنه كمل الوضوء بالماء والمائع، فأشبه إذا غسل
بعض أعضائه بالماء، وبعضها بالمائع.
والثاني: تصح الطهارة به. قال أصحابنا: وهو الصحيح؛ لأن المائع استهلك في الماء، فصار كما لو طرح ذلك في ماء يكفيه.
والذي تبين لي في هذه المسألة: أنها مبنية على الوجهين في المائع إذا وقع في الماء ولم يغيره، لموافقته الماء في الصفة:
فإن
قلنا: إن المائع الذي توافق صفته صفة الماء يعتبر بغيره من الطاهرات التي
تخالف صفته صفة الماء.. لم تجز الطهارة به هاهنا بشيء من هذه الخمسة
الأرطال وجهًا واحدًا؛ لأنا لو قدرنا في عقولنا أن رطلًا من قطران، أو
زعفران، وقع في أربعة أرطال من الماء.. لغيره.
وإن قلنا: إن الاعتبار بكثرة الماء، أو بكثرة المخالط.. فهاهنا وجهان:
أحدهما: قال أبو علي الطبري: لا تجوز الطهارة به.
والثاني: قال سائر أصحابنا: تجوز.
فكان
أبو علي الطبري يقول: إن المائع الطاهر إذا خلط بماء يكفي للطهارة، ولم
يغير صفة الماء، وكان الماء أكثر.. تصح الطهارة به، وإن كان الماء لا يكفي
للطهارة إلا بالذي خالطه من المائعات الطاهرات.. لم تصح الطهارة به.
ويأتي
على قول أبي علي: لو احتاج في الغسل عن الجنابة إلى عشرة أرطال ماء وليس
معه إلا تسع أرطال ماء، فطرح فيه رطلًا من ماء ورد انقطعت رائحته، ولم
يتغير به الماء، فإن اغتسل بجميعه عن الجنابة.. لم تصح. وإن توضأ بجميعه عن
الحدث.. صح. وهذا ظاهر الفساد.
وغيره من أصحابنا قالوا: لا فرق بينهما؛
ولهذا قاسوا ما يكفي للطهارة إلا بالمائع على ما يكفي بنفسه للطهارة، فهي
وإن كانت مقدمة في "المهذب" في الباب الأول، إلا أنها مبنية على الوجه
الأول في الباب الثاني. ولعله فرعها على الصحيح.
وإن تغيرت إحدى صفات الماء من طعم، أو لون، أو رائحة بشيء مما خالطه من الطاهرات.. نظرت:
فإن
كان مما لا يمكن حفظ الماء منه، كالطحلب - وهو نبت ينبت في الماء - وما
يجري عليه الماء من الملح، والكحل، والزرنيخ، والنورة، وما أشبه ذلك.. جازت
الطهارة به؛ لأنه لا يمكن صون الماء عن ذلك.
وإن جرى الماء على التراب، فتغير الماء به.. لم يمنع الطهارة به، واختلف أصحابنا الخراسانيون في علته:
فمنهم من قال: لأنه لا يمكن صون الماء عنه، فهو كالطحلب إذا تغير به الماء.
ومنهم من قال: لأن التراب يوافق الماء في التطهير.
وإن تناثرت أوراق الشجر في الماء، فتغيرت بعض صفاته.. ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها
- وهو المشهور -: أنه تصح الطهارة به. قال الطبري: وهذا قول من يقول: إن
العلة في الماء إذا جرى عليه التراب، فغيره.. أنه لا يمكن صون الماء عنه؛
لأن هذا لا يمكن أيضًا صون الماء عنه.
والوجه الثاني: لا تصح الطهارة
به. قال الطبري: وهذا قول من يقول: إن العلة في التراب: أنه يوافق الماء في
التطهير؛ لأن هذا لا يوافق الماء في التطهير.
والثالث: إن كان الورق خريفيا.. لم يمنع الطهارة بالماء. وإن كان ربيعيا.. منع، والفرق بينهما من وجهين:
أحدهما: أن الربيعي يخرج منه رطوبة تختلط بالماء. والخريفي يابس لا يخرج منه شيء.
والثاني: أن الربيعي قلما يتناثر، فيمكن صون الماء عنه، والخريفي يتناثر غالبًا، فلا يمكن صون الماء عنه.
والأول أصح، ولم يذكر الشيخ أبو حامد غيره.
وإن طرح في الماء ملح، فغير إحدى صفات الماء.. ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها
- وهو قول الشيخ أبي حامد، والبغداديين من أصحابنا -: إن كان الملح انعقد
من الماء.. لم يمنع الطهارة به؛ لأنه كان ماء في الأصل، فهو كالثلج إذا ذاب
في الماء. وإن كان الملح جبليا.. منع الطهارة بالماء، كما لو طرح فيه
دقيقًا، فغيره.
والثاني - وهو قول القفال، واختيار المسعودي [في
"الإبانة": ق \ 2]-: أنه لا تمنع الطهارة بالماء، سواء كان الملح انعقد من
الماء، أو كان جبليا؛ لأن كل ملح أصله الماء.
والثالث - يحكى عن ابن القاص -: أن كل واحد من المحلين يمنع؛ لأنه قد خرج عن صفة الماء، فهو كالطحلب. والأول هو المشهور.
وإن
طرح التراب في الماء، فغير صفته.. فالبغداديون من أصحابنا قالوا: تجوز
الطهارة به؛ لأنه يوافق الماء في التطهير، فهو كما لو صب ماء ملح على ماء
عذب، فتغير به.
وأما الخراسانيون فقالوا: إن قلنا: إن الماء إذا جرى
عليه فتغير به، أن العلة فيه: أنه يوافق الماء في التطهير.. لم تمنع
الطهارة بالماء هاهنا.
وإن قلنا: إن العلة هناك: أنه لا يمكن صون الماء عنه.. منع الطهارة به.
وإن
أخذ الطحلب، أو ورق الشجر، ودق وطرح في الماء، فغيره.. فهل تصح الطهارة
به؟ فيه وجهان، حكاهما أبو علي في "الإفصاح"، والشيخ أبو حامد:
أحدهما: تصح الطهارة به، كما لو تغير بالطحلب الذي نبت فيه.
والثاني: لا تصح الطهارة به، وهو المشهور؛ لأنه زال عن أصله بصنعة آدمي، بخلاف النابتة فيه، فإنه لا يمكن صون الماء عنه.
mr.aladdin
mr.aladdin
الإدارة
الإدارة

تاريخ التسجيل : 08/10/2011
عدد المساهمات : 6509
العمر : 63
دعاءكتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Uo_ouo10

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Empty رد: كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي

مُساهمة من طرف mr.aladdin السبت 08 أكتوبر 2011, 11:24 pm

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[فرع: حكم ما غير الماء كزعفران]
وإن
وقع في الماء زعفران، أو كافور، أو دقيق، أو ثمر، أو ما أشبه ذلك، فغير
إحدى صفاته.. لم تسلب طهارته، فيجوز شربه، ولكن يسلب تطهيره، فلا تصح
الطهارة به.
وقال أبو حنيفة: (إن كان الماء يجري بطبعه، صحت الطهارة به،
إلا ماء اللحم وماء الباقلاء، فلا تصح الطهارة به، وإن كان الماء لا يجري
بطبعه.. لم تصح الطهارة به).
دليلنا: أنه زال عنه إطلاق اسم الماء
بمخالطة ما ليس بمطهر، والماء مستغن عنه، فلم تصح الطهارة به، كماء اللحم،
وماء الباقلاء. وإذا شدد (الباقلا).. قصر، وإذا خفف.. مُدَّ.
فقولنا: (زال عنه إطلاق اسم الماء) احتراز من هذه الأشياء الطاهرة إذا وقعت في الماء، ولم تغير صفاته.
وقولنا: (بمخالطة) احترازٌ من الماء إذا تروح بجيفة بقربه.
وقولنا: (ما ليس بمطهر) احتراز من التراب، على المشهور من المذهب.
وقولنا: (والماء مستغن عنه) احتراز من الماء إذا جرى على الكُحل، أو نبت فيه الطحلب، فتغير به.
وإن حلف: لا يشرب الماء، فشرب من هذا الماء، قال القاضي في "التحقيق": لا يحنث.
وإن وكل من يشتري له الماء، فاشترى له الوكيل هذا الماء، لم يصح الشراء في حق هذا الموكل؛ لأنه لا يدخل في إطلاق اسم الماء.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي 89ag110
mr.aladdin
mr.aladdin
الإدارة
الإدارة

تاريخ التسجيل : 08/10/2011
عدد المساهمات : 6509
العمر : 63
دعاءكتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Uo_ouo10

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Empty رد: كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي

مُساهمة من طرف mr.aladdin السبت 08 أكتوبر 2011, 11:25 pm

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[كتاب الطهارة]

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.باب ما يجوز به الطهارة من المياه، وما لا يجوز به
قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48].
إذا الطهور عندنا: هو الطاهر في نفسه، المطهر لغيره، وهو اسم متعد، وتعديته: تطهيره لغيره من الحدث والنجس.
وقال أبو حنيفة، والأصم: (هو اسم لازم غير متعد يعم جميع الطاهرات).
وأجاز أبو حنيفة إزالة النجاسة بغير الماء من المائعات، كالخل. وأجاز الأصم رفع الحدث بالمائعات الطاهرة غير الماء: كاللبن، والخل.
دليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خلق الله الماء طهورًا».
وقال
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في البحر: «هو الطهور ماؤه، الحل
ميتته». فخص الماء باسم الطهور، فدل ذلك على أنه لا يسمى غيره بهذا الاسم.
إذا
ثبت هذا: فيجوز رفع الحدث، وإزالة النجس بالماء المطلق، كماء المطر، وذوب
الثلج
والبرد، وماء الآبار والأنهار؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُنَزِّلُ
عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11].
وروي: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يتوضأ من بئر بضاعة».
وأما الثلج والبرد قبل أن يذوبا: فيجوز مسح الرأس والخف بهما لا غير.
وقال الأوزاعي (إذا أمره على العضو المغسول.. أجزأه).
والدليل على أنه لا يجوز: أن أقل الطهارة جري الماء بطبعه على العضو المغسول، وهذا لا يوجد فيهما قبل أن يذوبا.
وتجوز
الطهارة بماء البحر مع وجود غيره من الماء، ومع عدمه، وهو قول كافة
العلماء، إلا ما حكي عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو: أنهما قالا:
(التيمم أعجب إلينا منه).
وقال ابن المسيب: إن كان واجدًا لغيره من الماء.. لم يجز الوضوء به، وإن لم يجد غيره.. جاز الوضوء به.
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}
[النساء: 43]. وماء البحر يسمى ماءً. وروى أبو هريرة: أن رجلًا قال: يا
رسول الله إنا نركب في البحر أرماثًا، ومعنا القليل من الماء فإن توضأنا به
عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
«هو الطهور ماؤه الحل ميتته»، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من لم يطهره البحر، فلا طهره الله».
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[مسألة: الماء المشمس]
وأما
الماء المشمس: فإن لم يقصد إلى تشميسه.. لم تكره الطهارة به؛ لأنه لا يمكن
صون الماء عن الشمس، وإن قصد إلى تشميسه.. فهل تكره الطهارة به؟ فيه خمسة
أوجه:
أحدهما: وهو المنصوص - (أنه يكره)؛ لما روي: أن عائشة - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا - سخنت ماء بالشمس، فقال لها النبي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يا حميراء، لا تفعلي هذا، فإنه يورث البرص»،
تقول العرب: امرأة حميراء أي: بيضاء. وروي: أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ - كان ينهى عن الماء المشمس، وقال: (إنه يورث البرص)، فذكر أن رجلًا
عانده في ذلك، وكان يتطهر به، فما مات حتى أصابه البرص.
وسواء شمس بالحجارة أو النحاس أو الزجاج، وفي الإناء المغطى والمكشوف.. فإنه يكره.
والوجه الثاني: لا يكره بحال، وهو قول أبو حنيفة، كما لا يكره ما تشمس بنفسه في البرك والأنهار.
والثالث: إن شمس في البلاد الحارة في آنية الصفر.. كره؛ لأنه يورث البرص، وإن شمس بغير ذلك.. لم يكره؛ لأنه لا يورث البرص.
والرابع - حكاه الشاشي - يكره في البدن، دون الثوب.
والخامس
- حكاه أيضًا - إن قال عدلان من أهل الطب: إنه لا يورث البرص.. فلا يكره،
وإن قال يورث.. كره، وهذا ضعيف؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - قد أخبر أنه يورث البرص، فلا معنى للرجوع إلى قول أهل الطب.
فإن قلنا: يكره، فبرد الماء المشمس.. فهل تزول كراهة الطهارة به؟
سمعت بعض شيوخي يحكي فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: تزول الكراهة، لزوال التشميس.
والثاني: لا تزول الكراهة؛ لأنه لا يزول عنه اسم التشميس.
والثالث:
يرجع إلى عدلين من أطباء المسلمين، فإن قالا: لا يورث البرص.. زالت
الكراهة، وإن قال: يورث.. كره؛ لأن العلة في كراهته خوف البرص، فرجع إليهم
في ذلك بعد التبريد.
فإن توضأ بالماء المشمس.. ارتفع حدثه؛ لأن المنع منه لخوف البرص، فلم يمنع صحة الطهارة، كما لو توضأ بماء حار أو بارد يخاف منه.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.]فرع: الماء المسخن]
وإن
سخن الماء بالنار.. لم تكره الطهارة به، سواء سخن بالوقود الطاهر أو
النجس. وقال مجاهد: تكره الطهارة به بكل حال. وقال أحمد: (إن سخن بالوقود
النجس.. كرهت الطهارة به، وإن سخن بالوقود الطاهر.. لم تكره).
دليلنا: (أنه كان يسخن لعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ماء في قمقم، فكان يتوضأ به).
وروى «الأسلع
بن شريك قال:أجنبت وأنا مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
في سفر، فجمعت أحجارًا، وسخنت ماء، فاغتسلت به، فأخبرت النبي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك، فلم ينكر علي».
وروى ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل حمامًا بالجحفة، فاغتسل منه».
ولا يكره الوضوء والغسل بماء زمزم.
وقال
أحمد في إحدى الروايتين عنه: (يكره)؛ لما روي عن العباس بن عبد المطلب:
أنه قال في ماء زمزم: (لا أحلها لمغتسل، وهي لشارب حل وبل).
دليلنا:
قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43].
وهذا ماء؛ ولأن الناس يفعلون ذلك من لدن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - إلى وقتنا هذا من غير إنكار.
وأما ما روي عن العباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فيتحمل أنه نهى عن ذلك في وقت قل الماء فيها، وكثر من يطلب الشرب منها.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[مسألة: الماء غير المطلق]
قال
الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (وما عدا ذلك من ماء ورد، أو شجر،
أو عصفر، أو ماء زعفران، أو عرق.. فلا يجوز التطهر به).
وهذا كما قال:
لا يجوز رفع الحدث بغير الماء المطلق من المائعات الطاهرة، كـ (ماء الورد):
وهو الماء الذي يعتصر من الورد. و (ماء الشجر): وهو أن يقطع الشجر رطبًا،
فيجري منه الماء، و (ماء العصفر والزعفران): وهو ما اعتصر منهما.
وبه قال عامة أهل العلم، إلا الأصم، فإنه قال: يجوز رفع الحدث بكل مائع طاهر.
دليلنا:
قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43]،
فنقلهم من الماء عند عدمه إلى التيمم، فدل على أنه لا يجوز الطهارة بغيره.
وأيضًا:
فإن الصحابة - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - قد كانوا يسافرون، فيعدمون
الماء، فيتيممون، وما روي أن أحدًا منهم توضأ بمائع غير الماء.
وأما (العرق): ففيه ثلاث روايات:
(الأولى): قيل: عرق - بفتح العين والراء - وهو عرق الآدميين وغيرهم.
و (الثانية): قيل: عرق - بكسر العين وسكون الراء - وهو ماء عروق الشجر.
و (الثالثة): قيل: عرق - بفتح العين وسكون الراء - وهو الماء الذي يعتصر من أكراش الإبل، كانت العرب تفعله في المفاوز.
والجميع لا تجوز الطهارة به.
أما الأولان: فلما قدمناه. وأما الثالث: فلأنه نجس.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[مسألة: الطهارة بشيء من الأنبذة]
ولا تجوز الطهارة بشيء من الأنبذة.
وقال أبو حنيفة: (يجوز الوضوء بنبيذ التمر المطبوخ في السفر عند عدم الماء).
دليلنا: قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}
[المائدة: 6]. فنقلهم عند عدم الماء إلى التيمم، فدل على أنه لا يجوز
الوضوء بغيره من المائعات. إذ لو جاز الوضوء بغيره من المائعات.. لكان
النقل إليه أقرب من التراب؛ لأنه أقرب إلى صفة الماء.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[فرع: إزالة النجاسة بالمائعات]
ولا تجوز إزالة النجاسة بغير الماء من المائعات.
وقال أبو حنيفة: (تجوز إزالة النجاسة بكل مائع طاهر مزيل للعين، كالخل).
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11]. فخص الماء بالتطهير.
وروي
«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لأسماء بنت أبي بكر
في دم الحيض يصيب الثوب: حتيه واقرصيه، ثم اغسليه بالماء». فخص الماء
بالغسل به، فدل على أنه لا يجوز بغيره.
و (الحت): هو أن تحكه بضلع أو جريدة. و (القرص): أن يفرك باليد، يراد بذلك المعونة للماء.
وقد روي «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لأم قيس بنت محصن: حكيه بضلع، ثم اغسليه بماء وسدر». وبالله التوفيق.

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي 89ag110
mr.aladdin
mr.aladdin
الإدارة
الإدارة

تاريخ التسجيل : 08/10/2011
عدد المساهمات : 6509
العمر : 63
دعاءكتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Uo_ouo10

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Empty رد: كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي

مُساهمة من طرف mr.aladdin السبت 08 أكتوبر 2011, 11:25 pm

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[باب ما يفسد الماء من الطاهرات وما لا يفسده]
إذا
اختلط بالماء شيء طاهر، ولم يتغير به الماء لقلة المخالط.. لم تمنع
الطهارة بالماء؛ لأن الماء باق على إطلاقه. وإن لم يتغير الماء بما خالطه
من الطاهرات التي تسلب تطهير الماء إذا غيرته لا لقلة المخالط، ولكن
لموافقته الماء في صفاته، كالعرق، وماء الورد إذا انقطعت رائحته.. قال ابن
الصباغ: وهذا يبعد؛ لأنه لا بد أن ينفرد عنه بطعم، فإن اتفق ذلك.. ففيه
وجهان:
أحدهما: يعتبر هذا المخالط بغيره من الطاهرات التي تغير صفته صفة
الماء، فيقال: لو كان هذا المخالط من الطاهرات التي تخالف صفتها صفة
الماء.. هل كانت تتغير صفة هذا الماء به؟
فإن قيل: نعم.. قيل: فهذا أيضًا يمنع الطهارة به وإن لم يتغير الماء.
وإن
قيل: لا يتغير صفة هذا الماء.. قيل: فكذا هذا أيضًا لا تمنع الطهارة به؛
لأنه لما لم يمكن اعتبار هذا المخالط بنفسه، لموافقته الماء في الصفة..
اعتبر بغيره مما يخالف الماء، كما نقول - في الجناية على الحر التي ليس لها
أرش مقدر -: لما لم يتمكن اعتبارها بنفسها.. اعتبرت بالجناية على العبيد.
قال
ابن الصباغ: وهذا يبعد؛ لأن الأشياء تختلف في ذلك، فبأيها تعتبر؟ فإن قال:
بأدناها صفة إلى الماء.. قيل: فاعتبر هذا المخالط بنفسه، فإن له صفة ينفرد
بها عن الماء.
والوجه الثاني - وهو الصحيح -: إن كان الماء أكثر من
المخالط له.. جازت الطهارة به؛ لبقاء إطلاق اسم الماء عليه. وإن كان
المخالط له أكثر من الماء.. لم تجز الطهارة به؛ لأن إطلاق اسم الماء يزول
بذلك.
وإن كان المخالط للماء المطلق ماء مستعملًا في الحدث، وقلنا: إنه
ليس بمطهر.. فإن الشيخ أبا حامد وابن الصباغ قالا: يكون الاعتبار هاهنا
بالكثرة وجهًا واحدًا. وقال القاضي أبو الطيب: هي على وجهين، كما لو خالطه
ماء ورد انقطعت رائحته، أو عرق.
إذا ثبت هذا: فذكر الشيخ أبو إسحاق في
"المهذب": إذا احتاج في طهارته إلى خمسة أرطال ماء، ومعه أربعة أرطال ماء،
فكمله برطل من مائع لم يتغير به، كماء ورد انقطعت رائحته.. فهل تجوز
الطهارة به؟ فيه وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي علي الطبري، وأبي حنيفة -:
(أنه لا تصح الطهارة به)؛ لأنه كمل الوضوء بالماء والمائع، فأشبه إذا غسل
بعض أعضائه بالماء، وبعضها بالمائع.
والثاني: تصح الطهارة به. قال أصحابنا: وهو الصحيح؛ لأن المائع استهلك في الماء، فصار كما لو طرح ذلك في ماء يكفيه.
والذي تبين لي في هذه المسألة: أنها مبنية على الوجهين في المائع إذا وقع في الماء ولم يغيره، لموافقته الماء في الصفة:
فإن
قلنا: إن المائع الذي توافق صفته صفة الماء يعتبر بغيره من الطاهرات التي
تخالف صفته صفة الماء.. لم تجز الطهارة به هاهنا بشيء من هذه الخمسة
الأرطال وجهًا واحدًا؛ لأنا لو قدرنا في عقولنا أن رطلًا من قطران، أو
زعفران، وقع في أربعة أرطال من الماء.. لغيره.
وإن قلنا: إن الاعتبار بكثرة الماء، أو بكثرة المخالط.. فهاهنا وجهان:
أحدهما: قال أبو علي الطبري: لا تجوز الطهارة به.
والثاني: قال سائر أصحابنا: تجوز.
فكان
أبو علي الطبري يقول: إن المائع الطاهر إذا خلط بماء يكفي للطهارة، ولم
يغير صفة الماء، وكان الماء أكثر.. تصح الطهارة به، وإن كان الماء لا يكفي
للطهارة إلا بالذي خالطه من المائعات الطاهرات.. لم تصح الطهارة به.
ويأتي
على قول أبي علي: لو احتاج في الغسل عن الجنابة إلى عشرة أرطال ماء وليس
معه إلا تسع أرطال ماء، فطرح فيه رطلًا من ماء ورد انقطعت رائحته، ولم
يتغير به الماء، فإن اغتسل بجميعه عن الجنابة.. لم تصح. وإن توضأ بجميعه عن
الحدث.. صح. وهذا ظاهر الفساد.
وغيره من أصحابنا قالوا: لا فرق بينهما؛
ولهذا قاسوا ما يكفي للطهارة إلا بالمائع على ما يكفي بنفسه للطهارة، فهي
وإن كانت مقدمة في "المهذب" في الباب الأول، إلا أنها مبنية على الوجه
الأول في الباب الثاني. ولعله فرعها على الصحيح.
وإن تغيرت إحدى صفات الماء من طعم، أو لون، أو رائحة بشيء مما خالطه من الطاهرات.. نظرت:
فإن
كان مما لا يمكن حفظ الماء منه، كالطحلب - وهو نبت ينبت في الماء - وما
يجري عليه الماء من الملح، والكحل، والزرنيخ، والنورة، وما أشبه ذلك.. جازت
الطهارة به؛ لأنه لا يمكن صون الماء عن ذلك.
وإن جرى الماء على التراب، فتغير الماء به.. لم يمنع الطهارة به، واختلف أصحابنا الخراسانيون في علته:
فمنهم من قال: لأنه لا يمكن صون الماء عنه، فهو كالطحلب إذا تغير به الماء.
ومنهم من قال: لأن التراب يوافق الماء في التطهير.
وإن تناثرت أوراق الشجر في الماء، فتغيرت بعض صفاته.. ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها
- وهو المشهور -: أنه تصح الطهارة به. قال الطبري: وهذا قول من يقول: إن
العلة في الماء إذا جرى عليه التراب، فغيره.. أنه لا يمكن صون الماء عنه؛
لأن هذا لا يمكن أيضًا صون الماء عنه.
والوجه الثاني: لا تصح الطهارة
به. قال الطبري: وهذا قول من يقول: إن العلة في التراب: أنه يوافق الماء في
التطهير؛ لأن هذا لا يوافق الماء في التطهير.
والثالث: إن كان الورق خريفيا.. لم يمنع الطهارة بالماء. وإن كان ربيعيا.. منع، والفرق بينهما من وجهين:
أحدهما: أن الربيعي يخرج منه رطوبة تختلط بالماء. والخريفي يابس لا يخرج منه شيء.
والثاني: أن الربيعي قلما يتناثر، فيمكن صون الماء عنه، والخريفي يتناثر غالبًا، فلا يمكن صون الماء عنه.
والأول أصح، ولم يذكر الشيخ أبو حامد غيره.
وإن طرح في الماء ملح، فغير إحدى صفات الماء.. ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها
- وهو قول الشيخ أبي حامد، والبغداديين من أصحابنا -: إن كان الملح انعقد
من الماء.. لم يمنع الطهارة به؛ لأنه كان ماء في الأصل، فهو كالثلج إذا ذاب
في الماء. وإن كان الملح جبليا.. منع الطهارة بالماء، كما لو طرح فيه
دقيقًا، فغيره.
والثاني - وهو قول القفال، واختيار المسعودي [في
"الإبانة": ق \ 2]-: أنه لا تمنع الطهارة بالماء، سواء كان الملح انعقد من
الماء، أو كان جبليا؛ لأن كل ملح أصله الماء.
والثالث - يحكى عن ابن القاص -: أن كل واحد من المحلين يمنع؛ لأنه قد خرج عن صفة الماء، فهو كالطحلب. والأول هو المشهور.
وإن
طرح التراب في الماء، فغير صفته.. فالبغداديون من أصحابنا قالوا: تجوز
الطهارة به؛ لأنه يوافق الماء في التطهير، فهو كما لو صب ماء ملح على ماء
عذب، فتغير به.
وأما الخراسانيون فقالوا: إن قلنا: إن الماء إذا جرى
عليه فتغير به، أن العلة فيه: أنه يوافق الماء في التطهير.. لم تمنع
الطهارة بالماء هاهنا.
وإن قلنا: إن العلة هناك: أنه لا يمكن صون الماء عنه.. منع الطهارة به.
وإن
أخذ الطحلب، أو ورق الشجر، ودق وطرح في الماء، فغيره.. فهل تصح الطهارة
به؟ فيه وجهان، حكاهما أبو علي في "الإفصاح"، والشيخ أبو حامد:
أحدهما: تصح الطهارة به، كما لو تغير بالطحلب الذي نبت فيه.
والثاني: لا تصح الطهارة به، وهو المشهور؛ لأنه زال عن أصله بصنعة آدمي، بخلاف النابتة فيه، فإنه لا يمكن صون الماء عنه.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[فرع: حكم ما غير الماء كزعفران]
وإن
وقع في الماء زعفران، أو كافور، أو دقيق، أو ثمر، أو ما أشبه ذلك، فغير
إحدى صفاته.. لم تسلب طهارته، فيجوز شربه، ولكن يسلب تطهيره، فلا تصح
الطهارة به.
وقال أبو حنيفة: (إن كان الماء يجري بطبعه، صحت الطهارة به،
إلا ماء اللحم وماء الباقلاء، فلا تصح الطهارة به، وإن كان الماء لا يجري
بطبعه.. لم تصح الطهارة به).
دليلنا: أنه زال عنه إطلاق اسم الماء
بمخالطة ما ليس بمطهر، والماء مستغن عنه، فلم تصح الطهارة به، كماء اللحم،
وماء الباقلاء. وإذا شدد (الباقلا).. قصر، وإذا خفف.. مُدَّ.
فقولنا: (زال عنه إطلاق اسم الماء) احتراز من هذه الأشياء الطاهرة إذا وقعت في الماء، ولم تغير صفاته.
وقولنا: (بمخالطة) احترازٌ من الماء إذا تروح بجيفة بقربه.
وقولنا: (ما ليس بمطهر) احتراز من التراب، على المشهور من المذهب.
وقولنا: (والماء مستغن عنه) احتراز من الماء إذا جرى على الكُحل، أو نبت فيه الطحلب، فتغير به.
وإن حلف: لا يشرب الماء، فشرب من هذا الماء، قال القاضي في "التحقيق": لا يحنث.
وإن وكل من يشتري له الماء، فاشترى له الوكيل هذا الماء، لم يصح الشراء في حق هذا الموكل؛ لأنه لا يدخل في إطلاق اسم الماء.


كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[فرع: تغير رائحة الماء بمجاور]
وإن وقع في الماء دُهن طيب، أو عود، فتغير به ريح الماء، ففيه قولان:
أحدهما: وهو الأصح -: أنه لا يمنع الطهارة بالماء؛ لأن تغيره عن مجاورة، فهو كما لو تغير ريحه بجيفة بقربه.
والثاني: يمنع الطهارة به، كما لو طرح فيه زعفران فتغير به.
وإن
وقع في الماء قطران فغير ريح الماء.. فقد قال الشافعي في "الأم" [1/6]
(لا يجوز الوضوء به)، وقال بعده بأسطر: (إن وقع به قطران، أو بان، فتغير به
ريح الماء، لم يمنع الوضوء به).
فقال الشيخ أبو حامد، والمحاملي: ليست
على قولين، وإنما هي على اختلاف حالين، فحيث قال: (لا يجوز الوضوء به)،
أراد: إذا اختلط بأجزاء الماء، وحيث قال: (يجوز)، أراد: إذا لم يختلط
بالماء، وإنما تغير به عن مجاورة.
قال أبو علي الطبري: وقيل: إن القطران على ضربين: ضرب يختلط بالماء، وضرب لا يختلط به.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[فرع: حكم ما لا يختلط بالماء كالكافور]

وإن وقع في الماء قليل كافور، وهو مما لا يختلط بجميع أجزاء الماء، وإنما يختلط باليسير منه، فتغير به ريح الماء.. ففيه وجهان:
أحدهما: تجوز الطهارة به؛ لأن تغيره عن مجاورة.
والثاني: لا تجوز، كما لو وقع فيه زعفران، فتغير به. وبالله التوفيق

يتبــــــــــــــــــــع
.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي 89ag110
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Uo_ouo10
mr.aladdin
mr.aladdin
الإدارة
الإدارة

تاريخ التسجيل : 08/10/2011
عدد المساهمات : 6509
العمر : 63
دعاءكتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Uo_ouo10

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Empty رد: كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي

مُساهمة من طرف mr.aladdin السبت 08 أكتوبر 2011, 11:26 pm

.[باب ما يُفسِدُ الماء من النجاسة، وما لا يُفسِدُهُ]

إذا وقعت في الماء نجاسة، فتغير لونه أو ريحه أو طعمه، نجس الماء، سواء كان الماء قليلًا، أو كثيرًا.
والدليل
عليه: ما روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يتوضأ
من بئر بُضاعة - وهي بئر في المدينة - فقيل: يا رسول الله، إنك تتوضأ من
بئر بضاعة، وإنه يطرح فيها المحائض ولحوم الكلاب وما ينجي الناس! فقال -
صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خُلق الماء طهورًا لا ينجسه شيء إلا ما
غير طعمه، أو ريحه». فنص على (الطعم، والريح)، وقسنا اللون عليهما؛ لأنه
أدل على غلبة الماء منهما، وقد روي: «إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه».
(والمحائض): خرق الحيض، و (ما ينجي الناس): الغائط، يقال: أنجى الرجل إذا تغوط.
فإن قيل: كيف يطرح ذلك في بئر يتوضأ منها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟
قلنا:
يحتمل أن البئر في متسفل من الأرض، فتكون هذه الأشياء بقربها، ثم يحملها
السيل إليها، ويحتمل أن يكون طرحوا ذلك إليها قبل أن يتوضأ منها النبي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويحتمل أن يكون طرحها المنافقون.
وإن تغير بعض الماء دون بعض.. فقد ذكر في "المهذب"، و"المقنع": أنه ينجس الجميع؛ لأنه ماء واحد، فلا يجوز أن ينجس بعضه دون بعض.
وقال
بعض أصحابنا المتأخرين: أراد إذا كان الماء الذي لم يتغير أقل من قلتين.
فأما إذا كان الذي لم يتغير قلتين أو أكثر.. لم ينجس ما لم يتغير منه؛ لأنه
قد يتغير موضع من البحر بالنجاسة، فكيف يحكم بنجاسة جميعه؟!
وظاهر كلام
الشيخ أبي إسحاق: أنه لا فرق بين أن يكون ما لم يتغير أقل من قلتين، أو
قلتين، أو أكثر، فإنه ينجس الجميع؛ لأنه قال: لأنه ماء واحد، وهذه العلة
موجودة. وإن كان الذي لم يتغير قلتين أو أكثر.. فقد ذكر ابن الصباغ ما يدل
على صحة ذلك، فقال: إذا كان هناك ماء راكد متغير بالنجاسة، وبجنبه قلتان
تمران براكد غير متغير.. فقياس المذهب: أن كل جرية تنجس به؛ لأنه كالماء
الواحد، فكان الكل نجسًا وإن كثر، ولأنه ماء واحد فلا يتبعض حكمه، فإذا
انفصلتا عنه.. زال حكم النجاسة؛ لأنه قلتان غير متغير بالنجاسة، فجعل ابن
الصباغ القلتين نجستين وإن كانتا غير متغيرتين، لاتصالهما بالماء المتغير
بالنجاسة.
ومن قال بهذا: يمكنه أن ينفصل عما ذكروه في البحر بأن يقول:
المتغير لا يستقيم فيه، فلا ينجس بدليل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
-: «من لم يطهره البحر.. فلا طهره الله». ولم يفرق بين أن يتغير
بالنجاسة، أو لا يتغير؛ لأن التغير في جميعه لا يتصور، وفي بعضه لا يستقيم.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[مسألة: النجاسة المعفو عنها]

وإن وقعت في الماء نجاسة يدركها الطرف، من بول، أو خمر، أو ميتة لها نفس سائلة ولم تغيره، فإن كان راكدًا.. نظرت:
فإن كان الماء أقل من قلتين.. نجس، وإن كان قلتين، أو أكثر.. لم ينجس، وروي ذلك عن ابن عمر، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وأحمد، وإسحاق.
وذهبت
طائفة: إلى أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، سواء كان قليلًا، أو كثيرًا.
ذهب إليه من الصحابة: ابن عباس، وحذيفة، وأبو هريرة. وبه قال الحسن البصري،
وسعيد بن المسيب، وعكرمة، وابن أبي ليلى، وجابر بن زيد، ومالك، والأوزاعي،
وداود، والثوري، والنخعي، واختاره ابن المنذر، واحتجوا بقوله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الماء طهور، لا ينجسه شيء، إلا ما غير طعمه، أو ريحه»، ولم يفرق بين القليل والكثير.
وقال
أبو حنيفة: (كل ما وصلت إليه النجاسة، أو غلب على الظن وصول النجاسة
إليه.. حكم بنجاسته وإن لم يتغير، سواء كان قليلًا أو كثيرًا، والطريق إلى
معرفة وصولها إليه: إن كان الماء إذا حرك أحد جانبيه، تحرك الجانب الآخر،
فإن النجاسة إذا حصلت بأحد جانبيه.. غلب على الظن أنها وصلت إلى الجانب
الآخر، وإن كان لا يتحرك الجانب الآخر.. لم يغلب على الظن وصول النجاسة من
أحد جانبيه إلى الآخر).
واحتج
بما روي: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن البول
في الماء الراكد»، فلم يفرق بين القليل والكثير، ولا بين المتغير وغير
المتغير.
ودليلنا: ما روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إذا كان الماء قلتين بقلال هجر.. لم يحمل الخبث»
أي: لا يقبل حكمه ولا يلتزمه. فدل على أنه إذا كان أقل من قلتين.. حمل
الخبث. فإن قيل: فلعله أراد بقوله: "لم يحمل الخبث"، أي: أنه يضعف عن حمله،
كما يقال: فلان لا يحمل هذه الخشبة، أي: أنه يضعف عن حملها.. قلنا: الشيء
إذا كان عينًا، فقيل: فلان لا يحمله.. فمعناه: أي أنه ضعيف عن حمله،
والخشبة عين. وإذا كان الشيء حكمًا، فقيل: فلان لا يحمله.. فمعناه: أي أنه
لا يقبل حكمه، ولا يلتزمه، كما قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا}
[الجمعة: 5]. فأراد: أنهم حملوا أحكامها، فلم يقبلوها، ولم يلتزموها، لا
أنهم يضعفون عن حملها؛ لأن المراد به الحكم، وكذلك النجاسة هي حكم لا عين.
وأما الخبر الذي احتج به مالك: فيحمله على الماء الكثير، بدليل ما ذكرناه.
وأما
الخبر الذي احتج به أبو حنيفة: فيحمله على الماء القليل، بدليل خبرنا،
فاستعمل الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - الأخبار الثلاثة، وأخذ مالك بواحد من
الأخبار الثلاثة، وأسقط اثنين، وكذلك أبو حنيفة أخذ بواحد منها، وأسقط
اثنين.
إذا ثبت هذا: فإن هجر - التي تنسب القلال إليها - موضع بقرب المدينة، كان ابتداء عمل القلال بها، فنسبت إليها، ثم عملت بعد بالمدينة.
و (القلة): حب يسع جرارا من الماء، وجمعها: قلال. قال الشاعر:
يمشون حول مكدم قد كدحت ** متنيه حمل حناتم وقلال.

و (الحناتم) - جمع حنتم - وهي: الجرة الكبيرة، ذات عروتين، وهو يصف الحمار.
واختلف أصحابنا في حد القلتين.
فمنهم من قال: هما خمسمائة منًا، وهو ألف رطل بالبغدادي.
وقال أبو عبد الله الزبيري: هما ثلاثمائة منًا، وهو ستمائة رطل بالبغدادي.
وهو قول القفال، واختيار المسعودي [في الإبانة: ق \ 7].
وقال
الشيخ أبو حامد، وعامة أصحابنا: هما خمسمائة رطل بالبغدادي، وهو المنصوص؛
لأن ابن جريج قال: رأيت قلال هجر، فرأيت القلة منها تسع قربتين، أو قربتين
وشيئًا.
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (والاحتياط أن تجعل قربتين ونصفًا).
قال الشافعي: (والقربة بالحجاز، تسعمائة رطل)، فصار ذلك خمسمائة رطل، وهل ذلك تحديد أو تقريب؟ فيه وجهان:
أحدهما:
من أصحابنا من قال: هو تقريب، فإن نقص منه رطلان أو ثلاثة أو ما أشبه ذلك،
لم يؤثر نقصانه؛ لأن الشيء قد يستعمل فيما دون النصف في العادة، ولهذا
يقال في الشيئين وأكثر من نصف الثالث: ثلاثة إلا شيئًا.
والثاني: قال
أبو إسحاق: هو تحديد، فإن نقص منه نصف رطل، وما أشبهه.. فينجس بوقوع
النجاسة فيه؛ لأن الحكم قد يجب للاحتياط، واستيفاء الواجب، كما يجب أن يصوم
جزءًا من الليل لاستيفاء النهار، وكما يجب غسل شيء من الرأس لاستيفاء غسل
الوجه.
إذا ثبت هذا: فنقول: إن داود قال: (إذا بال الإنسان في الماء
الراكد، ولم يجز له أن يتوضأ منه وإن كان كثيرًا لم يتغير، ولا يحكم
بنجاسته، فيجوز لغيره أن يتوضأ منه، وكذلك إذا تغوط الإنسان في الماء.. جاز
له ولغيره الوضوء به إذا لم يتغير به). وهذا خطأ بين لا يحتاج إلى
الاستدلال عليه، وإنما قال هذا لتركه القياس.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[فرع: الشك في قدر القلتين]

قال الصيمري: وإن وقعت في الماء نجاسة ولم تغيره، وشك في الماء، هل هو قلتان، أو أقل.. حكم بنجاسته؛ لأن الأصل فيه القلة.
وإن
وقعت في الماء الكثير نجاسة ولم تغيره، لكون صفة النجاسة موافقة لصفة
الماء، قال القاضي حسين: يعتبر بالنجاسة التي تخالف صفتها صفة الماء، وقد
استعبد ابن الصباغ ذلك في الطاهر المخالط للماء، وهو في النجاسة أبعد.
وإن
كان الماء قلتين إلا كوزًا، فصب فيه كوزًا من ماء ورد، ثم وقعت فيه
نجاسة.. نجس الماء وإن لم يتغير، وإن كمل القلتين بكوز من ماء تغير
بالزعفران، ثم وقعت فيه نجاسة، لم ينجس الماء من غير تغيير.
والفرق بينهما: أن ماء الورد عرق، وماء الزعفران كان مطهرًا.
فإن صب على القلتين الناقصتين كوزًا من خمر، أو بولٍ.. حكم بنجاسة الماء.
وهكذا
إن صب عليه ماء نجسًا ولم يبلغا قلتين.. حكم بنجاسة الماء. وإن صب القلتين
الناقصتين، على البول، أو الخمر، أو على الماء النجس، فاستهلك ذلك في
الماء.. حكم بطهارته؛ لأن النجاسة إذا وردت على الماء القليل، نجسته، وإذا
ورد الماء على النجاسة فاستهلكها، طهرها، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا».
فنهى عن إيراد اليد النجسة على الماء، وأمر بإيراد الماء عليها.
وإن
كان الماء قلتين، فوقعت فيه نجاسة لم تغيره، والذي فيه النجاسة متميز عن
الذي لا نجاسة فيه، مثل أن يكون أحدهما كدرًا، والآخر صافيًا، حكم بطهارة
الجميع؛ لأن الاعتبار بالكثرة لا بالمخالطة.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[فرع: نجاسة ما لا يدركه الطرف]

وإن وقع في الماء القليل نجاسة لا يدركها الطرف، أو كان ذلك في الثوب، ففيه خمس طرق مشهورة:
أحدها: يعفى عنها فيهما قولًا واحدًا؛ لأنه لا يمكن الاحتراز منها.
والثانية: لا يعفى عنها فيهما قولًا واحدًا؛ لأنها نجاسة متيقنة، فهي كالنجاسة التي يدركها الطرف.
والثالثة: أن فيها قولين: أحدهما: يعفى عنها فيهما.
والثاني: لا يعفى عنها فيهما، ووجههما ما ذكرناه.
والرابعة: ينجس الماء ولا ينجس الثوب؛ لأن الثوب أخف حكمًا في النجاسة، بدليل أنه يعفى عن قليل الدم والقيح فيه، بخلاف الماء.
والخامسة: ينجس الثوب ولا ينجس الماء؛ لأن الماء يزيل النجاسة عن غيره، فدفع النجاسة عن نفسه، بخلاف الثوب.
وحكى الشاشي طريقة سادسة: عن أبي علي بن أبي هريرة -: أنه ينجس الثوب قولًا واحدًا، وفي الماء قولان.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[فرع: ما لا نفس له سائلة إذا وقع في المائعات]

الحيوان الذي له نفس سائلة: هو الذي إذا ذبح سال دمه عن موضعه، كالدجاج، والحمام، وما أشبههما؛ لأن النفس هي الدم.
والحيوان الذي لا نفس له سائلة: هو الذي إذا ذبح لم يسل دمه عن موضعه، كالذباب والزنبور. وفي الحية والوزغ وجهان، حكاهما الشاشي:
أحدهما: قال الشيخ أبو حامد: لهما نفس سائلة.
والثاني: قال أبو العباس بن القاص والصيمري: ليس لهما نفس سائلة.
وإذا
مات ما لا نفس له سائلة، ووقع في ماء ولم يغيره، أو في طعام أو شراب.. فقد
قال الشيخ أبو حامد، والبغداديون من أصحابنا: ينجس الحيوان نفسه قولًا
واحدًا.
وهل ينجس ما وقع فيه من الماء القليل والطعام والشراب؟
فيه قولان: وقال القفال: القولان في الحيوان نفسه، هل ينجس بالموت؟
فإذا قلنا: لا ينجس ما وقع فيه؛ وهو قول عامة الفقهاء، قال أصحابنا: وهو الأصلح للناس.
فوجهه:
ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إذا
وقع الذباب في الطعام، فامقلوه، ثم انقلوه، فإن في أحد جناحيه داء، وفي
الآخر شفاء، وإنما يقدم السم، ويؤخر الشفاء».
و(المقل): الغمس، وقد يكون الطعام حارا، فيموت بالمقل فيه، فلو كان ينجسه.. لما أمر بمقله.
وروى
سلمان الفارسي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «أيما طعام أو شراب وقعت فيه ذبابة ليس لها دم،
فماتت فيه، فهو حلال أكله، وشربه، ووضوؤه» ولأنه لا يمكن الاحتراز منه،
فلو لم يعف عنه، لم يؤكل الباقلاء المطبوخ، والجبن؛ لأنه لا ينفك من وقوع
الذباب فيه.
وإذا قلنا: ينجس ما وقع فيه، وحكي ذلك عن ابن المنذر، ويحيى بن أبي كثير.. قال في "الإفصاح" و"التنبيه" وهو الأقيس.
فوجهه: أنه حيوان لا يؤكل بعد موته لا لحرمته، فأشبه ما له نفس سائلة.
فقولنا: (حيوان لا يؤكل بعد موته) احتراز من الحوت، والجراد.
وقولنا: (لا لحرمته) احتراز من الآدمي إذا مات، وقلنا: إنه طاهر.
وأما ابن المنذر فقال: لا أعلم أحدا قال: إنه ينجس ما وقع فيه غير الشافعي.
إذا
ثبت هذا: فنقول: فإن كثر من ذلك ما غير الماء، فإن قلنا: إن الماء ينجس
بوقوع ذلك فيه وإن لم يغير صفته.. فهاهنا أولى. وإن قلنا هناك: لا ينجس..
فهاهنا وجهان:
أحدهما: ينجسه؛ لأنه ماء تغير بالنجاسة.
والثاني: لا ينجسه؛ لأن ما لا ينجس الماء القليل، إذا وقع فيه ولم يغيره.. لم ينجسه وإن غيره، كالسمك والجراد.
فإذا قلنا بهذا: فإنه يكون طاهرًا غير مطهر، وكذلك إذا تغير الماء بالسمك والجراد.. كان طاهرًا غير مطهر. ذكره الصيدلاني.
هذا
إذا كان الحيوان غير متولد في نفس الشيء. فأما إذا كان متولدا في نفس
الشيء، كدود الخل، والجبن، ودواب الباقلاء، فإن مات فيما تولد فيه.. لم
ينجسه قولا واحدا؛ لأنه لا ينفك منه، وإن نقل منه إلى غيره ومات فيه.. فهل
ينجسه؟ على القولين في الذباب إذا وقع في ماء قليل، وما له نفس سائلة مما
لا يعيش إلا في الماء كالسلحفاة إذا قلنا: لا يحل أكله، والضفدع إذا مات في
ماء قليل.. فإنه ينجسه قولًا واحدًا.
وقال أبو حنيفة: (لا ينجسه، كالسمك).
دليلنا: أنه حيوان له نفس سائلة لا يحل أكله، فينجس الماء القليل بوقوع ميتته فيه، كحيوان البر.
قال
الصيدلاني: ودود الميتة نجس العين؛ كولد الكلب، وأراد بذلك: الدود المتولد
في نفس الميتة، أنه نجس العين لا يطهر بالغسل، كولد الكلب، وكذلك عند
البقلة النابتة في العذرة وسائر النجاسات.
mr.aladdin
mr.aladdin
الإدارة
الإدارة

تاريخ التسجيل : 08/10/2011
عدد المساهمات : 6509
العمر : 63
دعاءكتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Uo_ouo10

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Empty رد: كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي

مُساهمة من طرف mr.aladdin السبت 08 أكتوبر 2011, 11:27 pm

[مسألة: تطهير الماء النجس]

إذا وقعت في الماء نجاسة، وحكم بنجاسته.. نظرت:
فإن
كان الماء أكثر من قلتين وتغير بالنجاسة، وأراد تطهيره، طهر بأن يزول
التغير بنفسه، بهبوب الريح، أو بطلوع الشمس، أو بأن يضاف إليه ماء آخر أو
ينبع فيه، فيزول التغير. أو بأن يؤخذ بعض الماء، فيزول التغير قبل أن ينقص
عن قلتين؛ لأن النجاسة بالتغيير، وقد زال.
فإن طرح فيه شيئًا غير الماء، فزال التغير.. نظرت:
فإن تغير طعم الماء بالنجاسة، فطرح فيه ما له طعم، فغلب طعمه طعم النجاسة.
أو
تغير لون الماء بالنجاسة، فطرح فيه ما له لون، فغلب لونه لون الماء. أو
تغير ريح الماء، فطرح فيه ما له ريح، فغلب ريحه ريح الماء، لم يحكم بطهارة
الماء؛ لأنه يجوز أن تكون صفة الماء المتغير بالنجاسة باقية، وإنما لم
يطهر؛ لغلبة ما طرح فيه.
وإن طرح فيه تراب، فأزال تغير الماء، ففيه قولان:
أحدهما:
لا يطهر - وهو اختيار المحاملي، وصاحب "المذهب" - لأنه زال تغيره بوارد
عليه لا يزيل النجاسة، فأشبه ما إذا طرح فيه كافورًا أو مسكًا، فزالت رائحة
النجاسة.
والثاني: يطهر - وهو اختيار القاضي أبي حامد، والشيخ أبي
إسحاق - لأنه قد زال التغيير، فأشبه إذا زال بنفسه، أو بماء، ويخالف إذا
طرح فيه الكافور والمسك؛ لأن لهما رائحة زكية، فربما غلبت رائحتها رائحة
النجاسة.
وإن طرح فيه غير التراب من الجامدات التي ليس لها ريح، ولا
طعم، ولا لون، ينحل في الماء، كالجص، والحجارة، فزال التغيير، فحكى ابن
الصباغ: أن الشيخ أبا حامد قال: لا يطهر بذلك قولًا واحدًا، بخلاف التراب؛
لأن التراب يوافق الماء في التطهير، بخلاف غيره من الجامدات. وقال سائر
أصحابنا: فيه قولان، كالتراب.
وإن كان الماء قلتين فقط، وتغير بالنجاسة.. طهر بجميع ما ذكرناه، إلا بأخذ بعضه، فإنه لا يطهر؛ لأنه ينقص عن قلتين، وفيه نجاسة.
وإن
كان الماء أقل من قلتين، وقعت فيه نجاسة، فحكم بنجاسة، وأراد تطهيره، فإن
صب عليه ماء آخر، فبلغ قلتين، وهو غير متغير.. حكم بطهارته؛ لأنه لو وقعت
فيه نجاسة، وهو قلتان، ولم تغيره.. لم يؤثر وقوعها فيه، فكذلك إذا بلغ هذا
الحد، وهو غير متغير بالنجاسة.
وهكذا: لو كان هناك قلتان منفردتان في كل
واحدة منهما نجاسة، فخلطتا، وهما غير متغيرتين، أو كانتا متغيرتين وهما
منفردتان، فخلطتا وزال التغير.. حكم بطهارتهما.
وقال أصحاب أبي حنيفة: لا يحكم بطهاتهما؛ لأن كل واحدة منهما نجسة فلا تطهران بالاجتماع، كالمتولد بين الكلب والخنزير.
ودليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذا بلغ الماء قلتين.. لم يحمل خبثًا». وهذا قد بلغ قلتين.
فإذا
فصلت إحدى القلتين عن الأخرى، فإذا كانت النجاسة مائعة.. كانتا طاهرتين.
وإن كانت جامدة.. حكم بنجاسة ما حصلت فيه منهما بعد ذلك.
وإن كاثره بالماء، ولم يبلغ الجميع قلتين.. ففيه وجهان:
أحدهما: أنه لا يطهر؛ لأنه دون القلتين، وفيه نجاسة.
والثاني: يطهر - وهو الأصح - كالأرض النجسة إذا كوثرت بالماء.
فإذا قلنا بهذا: فإنه يكون طاهرًا غير مطهر؛ لأن الغلبة للماء الذي أزيلت به النجاسة، وهو غير مطهر على الأصح.
وإن
أراد الطهارة بالماء الذي هو أكثر من قلتين، وفيه نجاسة زال حكمها، فإن
كانت النجاسة جامدة مثل: جلد الميتة ولحمها، وكان الماء راكدًا، فإن استعمل
من موضع بينه وبين النجاسة قلتان، أو أكثر.. جاز بلا خلاف على المذهب. وإن
استعمل من موضع بينه وبين النجاسة أقل من قلتين.. ففيه وجهان:
أحدهما: قال أبو إسحاق، وابن القاص: لا يجوز؛ لأنه لا حاجة به إلى استعمال ما فيه نجاسة قائمة.
والثاني: قال عامة أصحابنا: يجوز، وهو المذهب؛ لأن هذا الماء محكوم بطهارة جميعه، والمعنى الذي ذكراه موجود فيه.
وإن كان بينه وبين النجاسة قلتان، فإن كان الماء قلتين لا غير، وفيه نجاسة جامدة ولم تغيره.. ففيه وجهان:
الوجه
الأول: قال أبو إسحاق: لا يجوز أن يستعمل شيئًا منه؛ لأن النجاسة إن كانت
في وسط الماء؛ فلأنه يستعمل من موضع بينه وبين النجاسة أقل من قلتين، وهذا
لا يجوز على أصله في الأولى. وإن كانت النجاسة في طرف الماء؛ فلأنه ماء
واحد، فإذا كان ما يبقى بعد ما غرف منه نجسًا.. وجب أن يكون الذي غرفة
نجسًا.
والوجه الثاني: أنه يجوز أن يستعمل من أي موضع شاء منه، حتى لو
أصاب بيده عين النجاسة، كما لو لم يقع فيه نجاسة.. صح، وهو الأصح؛ لأنا قد
حكمنا بطهارة هذا الماء، والماء الطاهر يجوز استعماله.
فعلى هذا: إذا
أخذ منه بدلو أو إناء.. نظرت: فإن بقيت النجاسة في البئر.. فإن الماء الذي
في الدلو طاهر؛ لأنه ينفصل عنه قبل أن يحكم بنجاسته، ويكون باطن الدلو
طاهرًا، وظاهره نجسًا.
وإن خرجت النجاسة في الماء الذي في الدلو.. كان
الماء الذي في الدلو نجسًا، وما بقي في البئر طاهرًا، ويكون باطن الدلو
نجسًا، وظاهره طاهرًا.
فإن قطر مما في الدلو قطرة إلى الماء الباقي في
البئر.. نجس أيضًا. فإن أراد تطهيره.. رد الماء الذي في الدلو إلى البئر،
والأولى أن يخرج النجاسة من الدلو، ثم يرد الماء الذي في الدلو إلى الماء
الذي في البئر، ثم يغترف، ليخرج من خلاف أبي إسحاق، وابن القاص.
وإن كان الماء قلتين، أو أكثر، وفيه نجاسة ذائبة لم تغيره.. جاز الاستعمال منه، وهل يجوز استعمال جميعه؟ فيه وجهان:
أحدهما:
من أصحابنا من قال: لا يجوز استعمال جميعه، بل يبقى منه قدر النجاسة؛ لأنه
إذا لم يترك قدر النجاسة كان مستعملا للنجاسة بيقين.. فوجب ترك قدرها، كما
لو حلف لا يأكل تمرة، فاختلطت بتمر كثير ولم تتميز، فأكل الجميع إلا
تمرة.. فإنه لا يحنث.
والثاني: من أصحابنا من قال: يجوز استعمال الجميع،
وهو الصحيح؛ لأن كل ما جاز استعمال بعضه.. جاز استعمال جميعه، كما لو لم
تقع فيه نجاسة؛ ولأنه إذا ترك قدر النجاسة، فإنه لا يجوز أن يكون المتروك
هو عين النجاسة؛ لأن النجاسة قد اختلطت بالماء، ولم تتميز عنه، بخلاف
التمرة، فإنه يجوز أن تكون هي المحلوف عليها.. فلا تلزمه الكفارة، ويجوز أن
تكون المحلوف عليها قد أكلها، وهذه غيرها، فتجب عليه الكفارة، وإذا احتمل
الأمرين احتمالًا واحدًا.. لم نوجب عليه الكفارة؛ لأن الأصل براءة ذمته
منها. والله أعلم.
mr.aladdin
mr.aladdin
الإدارة
الإدارة

تاريخ التسجيل : 08/10/2011
عدد المساهمات : 6509
العمر : 63
دعاءكتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Uo_ouo10

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Empty رد: كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي

مُساهمة من طرف mr.aladdin السبت 08 أكتوبر 2011, 11:27 pm

[مسألة: أحكام الماء الجاري]

وأما الماء الجاري إذا وقعت فيه نجاسة: ففيه ثلاث مسائل:
الأولى:
إذا كانت النجاسة تجري مع الماء بجرية لا تنفك عنه، فإن الماء الذي قبل
النجاسة طاهر؛ لأنه لم يصل إلى النجاسة، والماء الذي بعد النجاسة طاهر
أيضًا؛ لأن النجاسة لم تصل إليه.
وأما الجرية التي فيها النجاسة - وهي
ما بين حافتي النهر في العرض عن يمينها وشمالها مما يحيط بها -: فإن كان
متغيرًا بالنجاسة.. فهو نجس، قليلًا كان أو كثيرًا لتغيره بالنجاسة.
وإن
كان غير متغير بها، فإن كان الماء قلتين، أو أكثر.. فهو طاهر كالراكد،
هكذا نقل أصحابنا البغداديون، وقال الخراسانيون: هي على قولين:
أحدهما: أنه طاهر.
والثاني: أنه نجس.
والفرق
بين الراكد والجاري في أحد القولين: أن الراكد يتراد بعضه على بعض، فيدفع
النجاسة عن نفسه عند الكثرة، والجاري لا يتراد بعضه على بعض، فلم يكن
للكثرة حكم، والأول هو المشهور، وعليه التفريع.
وإن كانت الجرية أقل من قلتين.. ففيه قولان، حكاهما ابن القاص، والقاضي أبو الطيب:
أحدهما: قال في القديم: (هو طاهر؛ لأنه ماء وارد على النجاسة، فلم ينجس من غير تغيير، كالماء المزال به النجاسة).
والثاني:
قال في الجديد: (هو نجس، وهو الأصح؛ لأنه ماء قليل لاقى نجاسة لا حاجة إلى
ملاقاته لها، فحكم بنجاسته كالراكد). وفيه احتراز من الماء المزال به
النجاسة.
المسألة الثانية: إذا كانت النجاسة واقفة، والماء يجري عليها..
فالماء الذي قبل النجاسة طاهر، والماء الذي بعد النجاسة مما لم يمر على
النجاسة طاهر أيضًا؛ لما ذكرناه في التي قبلها.
وأما الجرية التي فوق النجاسة: فإن كانت متغيرة بالنجاسة.. فهي نجسة.
وإن كانت غير متغيرة، فإن كان الماء قلتين فأكثر.. فهو طاهر قولًا واحدًا، على طريقة البغداديين، وعلى طريقة الخراسانيين على قولين.
وإن كان الماء أقل من قلتين.. فعلى القولين اللذين حكاهما ابن القاص والقاضي أبو الطيب.
فإن كانت الجرية أقل من قلتين وقلنا: إنها نجسة، لم تطهر حتى تركد في موضع وتبلغ قلتين.
قال
ابن سريج: فإن مرت هذه الجرية على ماء راكد، وكانت الجرية كدرة، والراكد
صافيًا، فبلغا قلتين، كان الجميع طاهرًا؛ لأن الاعتبار باجتماع الماء
الكثير في موضع واحد، ولا اعتبار باختلاطه بحيث لا يتميز.
فإن تباعد رجل
عن موضع النجاسة الراكدة، واستعمل من هذه الجرية من ماء قد مر على النجاسة
الراكدة قبل أن يبلغ القلتين في عرض النهر؛ إلا أنه يبلغ قلتين بطول النهر
من حيث استعمل إلى موضع النجاسة، ففيه وجهان:
أحدهما: قال أبو إسحاق، وابن القاص، والقاضي أبو حامد: يجوز؛ لأن بينه وبين النجاسة قلتين.
والثاني: قال عامة أصحابنا: لا يجوز، وهو الأصح؛ لأنه استعمل من ماء قد مر على النجاسة قبل أن يبلغ قلتين، وكل جرية لها حكم نفسها.
المسألة
الثالثة: إذا كان في الماء الجاري موضع منخفض زائل عن سمت الجري، فركد فيه
الماء، فوقع في الراكد نجاسة قائمة.. فإن الماء الذي قبل الموضع المنخفض
طاهر، وكذلك الماء الجاري بعد الموضع المنخفض قبل وصول ماء النجاسة إليه،
طاهر.
وأما الماء الذي في الموضع المنخفض، والجرية التي تجري بجنبه: فإن
كانا متغيرين بالنجاسة.. فهما نجسان، وإن كانا غير متغيرين فإن بلغا
جميعًا قلتين.. فهما طاهران، وإن كانا دون القلتين.. فهما نجسان، هكذا ذكره
جماعة من أصحابنا.
وذكر الشيخ أبو حامد في "التعليق": إذا كان الماء الراكد أقل من قلتين، وفيه نجاسة ولم يتغير.. نظرت في الماء الجاري:
فإن دخل على الراكد وخرج منه من الجانب الآخر، فإن بلغا قلتين.. فهما طاهران وإن كانا دون القلتين.. فهما نجسان.
وإن
كان الجاري لا يدخل إلى الراكد، ولكن يجري على سمته، فإن كان الجاري أقل
من قلتين.. نجس؛ لأنه ملاصق ماء نجسًا، وإن كان قلتين.. لم ينجس؛ لأنه ماء
كثير.
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (ولا يطهر به ذلك الراكد؛ لأنه يفارقه، وما فارق الشيء.. فليس معه).
وإن
كان الراكد متغيرًا بالنجاسة، والجاري بجنبه قلتان غير متغير.. فقد تقدم
ذكره عن ابن الصباغ: أن الجرية تنجس ما دامت محاذية للراكد، فإذا انفصلتا
عنه.. حكم بطهارتهما.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[فرع: الجرية إذا كانت قلتين]

إذا
كانت الجرية تبلغ قلتين وفيها نجاسة جارية معها، أو كانت النجاسة واقفة
والجرية عليها تبلغ قلتين، أو كان في الموضع المنخفض من النهر نجاسة واقفة
والراكد فيها مع الجرية بجنبه يبلغ قلتين، وهو غير متغير في ذلك كله.. فقد
ذكرنا: أن الماء طاهر في هذه المسائل الثلاثة قولًا واحدًا، على طريقة
البغداديين.
فإن أراد أن يستعمل من هذه الجرية، فإن قلنا بقول أبي
إسحاق، وابن القاص في الماء الراكد: إنه لا يجوز له أن يستعمل إلا من موضع
بينه وبين النجاسة قلتان.. فهاهنا أولى.
وإن قلنا هناك: يجوز له أن يستعمل من أي موضع شاء، فهاهنا وجهان، حكاهما الشيخ أبو حامد عن أبي العباس:
أحدهما: يجوز أن يستعمل من أي موضع شاء، حتى لو أصاب بيده عين النجاسة، كما قلنا في الماء الراكد.
والثاني:
لا يجوز أن يستعمل إلا من موضع بينه وبين النجاسة قلتان في عرض النهر، قال
صاحب "الفروع" وهو الأقيس؛ لأن الماء الراكد ماء واحد، فحكم ما بعد من
النجاسة حكم ما قرب منها، فلا يمكنه أن يستعمل من شيء لم تحله النجاسة،
فلذلك جاز أن يستعمل من أي موضع شاء منه، والماء الجاري ذو أجزاء، فلا يكون
حكم ما قرب منها حكم ما بعد.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[فرع: تغير وصف الماء بالمكث]

إذا تغيرت صفة الماء بالمكث.. لم يكره استعماله.
وقال ابن سيرين: يكره.
دليلنا: أنه تغير من غير شيء خالطه، فلم يكره استعماله، كالبحر.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[فرع: حلول النجاسة في المائع]

وإن
وقعت نجاسة في مائع غير الماء، كاللبن والخل والدهن.. حكم بنجاسته سواء
كان قليلًا أو كثيرًا وسواء تغير أو لم يتغير؛ لأنه لا قوة له في دفع
النجاسة عن غيره، فلا يدفعها عن نفسه بخلاف الماء. وبالله التوفيق.

يتبــــــــــــــع

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي 89ag110
mr.aladdin
mr.aladdin
الإدارة
الإدارة

تاريخ التسجيل : 08/10/2011
عدد المساهمات : 6509
العمر : 63
دعاءكتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Uo_ouo10

كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Empty رد: كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي

مُساهمة من طرف mr.aladdin السبت 08 أكتوبر 2011, 11:28 pm

[باب ما يفسد الماء من الاستعمال وما لا يفسده]

الماء المستعمل ضربان: مستعمل في طهارة الحدث، ومستعمل في طهارة النجس.
فالماء المستعمل في طهارة الحدث طاهر عندنا، يجوز شربه واستعماله في غير الطهارة.
وعن أبي حنيفة روايتان: إحداهما: كقولنا، والثانية: (أنه نجس).
دليلنا: أنه ماء طاهر لاقى محلًا طاهرًا، فكان طاهرًا كما لو غسل به ثوب طاهر، وهل هو مطهر؟ المنصوص للشافعي: (أنه غير مطهر).
وقال أبو ثور: (توقف الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في الماء المستعمل).
وحكى عيسى بن أبان: أن الشافعي قال: (هو طاهر مطهر).
فقال القاضي أبو حامد: المسألة على قولين:
أحدهما:
أنه مطهر، وبه قال الحسن البصري، والزهري، والنخعي، وداود؛ لما روي: أن
النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مسح رأسه بفضل ماء كان في
يده»؛ ولأنه ماء يؤدي الغرض، فلا يخرج عن حكمه بتأدية الغرض فيه، كالثوب
يصلى به مرارًا.
الثاني:
أنه غير مطهر، وهو الصحيح، وبه قال الليث، وأحمد، ومالك، والأوزاعي، وهو
المشهور عن أبي حنيفة؛ لما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - قال: «لا يتوضأ أحدكم بفضل وضوء المرأة».
وإذا
ثبت أنه لم يرد ما بقى في الإناء.. ثبت أنه أراد ما استعملت. ولأن الصحابة
والتابعين - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - ومن بعدهم كانوا يسافرون
ويعدمون الماء فيتيممون وما روي عن أحد منهم: أنه توضأ بالماء المستعمل،
وقد اختلفوا فيمن وجد من الماء ما لا يكفيه لأعضاء الطهارة:
فمنهم من قال: لا يجب عليه أن يتوضأ بما معه من الماء، بل يتيمم.
ومنهم من قال: يجب عليه أن يتوضأ بما معه من الماء ثم يتيمم.
ولم
يقل أحد منهم: يغسل بما معه من الماء ما قدر عليه من أعضائه إلى إناء، ثم
يتم به وضوءه، ولو كان الماء المستعمل في رفع الحدث مطهرًا لقالوا ذلك.
ومن
أصحابنا من قال: المسألة على قول واحد، وأنه غير مطهر؛ لأن رواية أبي ثور -
أن الشافعي توقف فيه - لا تدل على أنه مطهر عنده، ورواية عيسى بن أبان: لا
يعتد بها؛ لأنه رجل مخالف.
قال المحاملي: والأول أصح؛ لأنه ثقة، فقبلت روايته وإن كان مخالفًا.
فإذا قلنا: إنه مطهر.. جاز رفع الحدث به ثانيًا، وجاز إزالة النجس به.
وإذا قلنا: إنه ليس بمطهر.. لم يجز رفع الحدث به ثانيًا، وهل يجوز إزالة النجس به؟ فيه وجهان:
أحدهما: من أصحابنا من قال: يجوز؛ لأن للماء حكمين: رفع حدث، وإزالة نجس، فإذا رفع الحدث.. بقي عليه إزالة النجس.
والثاني: منهم من قال: لا يجوز، وهو الصحيح؛ لأن كل ما لا يجوز رفع الحدث به.. لم يجز إزالة النجس به كالماء النجس.
وقول
من قال: له حكمان، غير صحيح؛ لأنه لو كان كما ذكر، لجاز رفع الحدث الأكبر
بالماء الذي رفع به الحدث الأصغر؛ لأن له حكمين: رفع حدث أصغر، ورفع حدث
أكبر، وقد رفع أحدهما، فبقي عليه الآخر، فلما لم يقل ذلك فيهما، فكذلك هذا
مثله.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[مسألة: الماء المستعمل إذا كثر]

وإن جمع الماء المستعمل في الحدث فبلغ قلتين، وقلنا بالأصح: إنه غير مطهر وعليه التفريع.. فهل يصير هنا مطهرًا؟ فيه وجهان:
أحدهما: وهو قول ابن سريج -: إنه يصير مطهرًا كالماء النجس، إذا جمع فبلغ قلتين.
والثاني: أنه لا يصير مطهرًا؛ لأنه لا يقع عليه اسم الماء المطلق، وإنما يسمى ماء مستعملًا، وإن كان كثيرًا بخلاف الماء النجس.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[فرع: الانغماس في قلتين]

وإن انغمس الجنب في قلتين من الماء بنية الغسل من الجنابة، أو أدخل يده فيه بنية غسلها من الجنابة، ففيه وجهان، حكاهما ابن الصباغ:
أحدهما: يصير مستعملًا، ويخرج من جنابته؛ لأن الاستعمال حصل بجميعه، والاستعمال مانع من طريق الحكم، فلا تؤثر فيه الكثرة.
والثاني
- وهو الأصح -: أنه يخرج من جنابته ولا يصير الماء مستعملًا؛ لأن حكم
النجاسة أقوى من حكم الاستعمال. ولو وقعت فيه نجاسة لم تزل حكمه من غير
تغيير، فالاستعمال بذلك أولى.
قلت: ولو أن جنبًا انغمس في البحر بنية
الغسل من الجنابة، لم يكن لأحد أن يقول: إنه صار مستعملًا، فكذلك ما دونه
مما دخل في حد الكثرة، إذ لا فرق بينهما في الحكم.
وإن أدخل الجنب يده
في ماء قليل بنية الاغتراف، لم يصر الماء مستعملًا؛ لأن النية شرط في صحة
الغسل عندنا، ولم توجد. وإن أدخلها فيه بنية رفع الجنابة، صار الماء
مستعملًا، وخرج من جنابته في اليد، كما لو أفاض الماء عليها بنية غسل
الجنابة.
وإن انغمس الجنب في ماء قليل بنية غسل الجنابة.. ففيه وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي عبد الله الخضري من أصحابنا -: أن الماء يصير مستعملًا، ولا يخرج من جنابته.
ووجهه:
أنه لما لاقى أول جزء من بدنه أول جزء من الماء.. صار الماء مستعملًا بأول
الملاقاة، فإذا انغمس فيه.. صار منغمسًا في ماء مستعمل.
والوجه الثاني:
أنه يخرج من جنابته، ولا يصير الماء مستعملًا إلا بالانفصال عنه، فلو توضأ
منه رجل، أو اغتسل قبل أن ينفصل الأول عنه.. صح، وهو المنصوص.
ووجهه:
أنا لو قلنا: إنه يصير مستعملًا بأول ملاقاته لجزء من بدنه.. لوجب أن يصير
الماء الذي يفيضه على عضو من أعضاء الطهارة مستعملًا بأول ملاقاته لأول
العضو، وهذا لا يقوله أحد.
فعلى هذا: إذا صب الجنب على رأسه ماء، فإن
نزل الماء عن رأسه متصلًا على ظهره، أو على عنقه.. أجزأه النازل من رأسه
عما مر عليه بعد رأسه.
وإن كان له شعر كثير، فوقع الماء على الشعر، ثم
تقاطر من أعلى طبقات الشعر ماء، ومر في الهواء إلى ظهره، أو بطنه.. لم
يجزئه عما وقع عليه بعد انفصاله من الرأس في الهواء؛ لأن بنفس الانفصال عنه
في الهواء قد صار مستعملًا.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[فرع: وضوء الحنفي بماء قليل]

وإن توضأ الحنفي بماء قليل.. فهل يصير مستعملًا؟ فيه ثلاثة أوجه، بناء على جواز الائتمام به:
أحدها:
إن نوى الطهارة به.. صار مستعملًا؛ لأنه ارتفع به حدثه، وإن لم ينو به
الطهارة.. لم يصر مستعملًا؛ كما لو توضأ به الشافعي من غير نية.
والثاني: أنه لا يصير مستعملًا بحال؛ لأنه يتوضأ من غير نية، وإن أتى بالنية.. اعتقدها غير واجبة، فلم يزل الماء عن حكمه.
والثالث:
أنه يصير مستعملًا وإن لم ينو الطهارة؛ لأنه يحكم بصحة صلاته، بدليل أنه
لا يباح قتله، ولو كانت صلاته غير صحيحة.. لكان بمنزلة من لم يصل، أو
بمنزلة من صلى بغير طهارة في إباحة قتله، وهذا لا يقوله أحد.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[فرع: ماء وضوء الكافر والمرتد]

وإن
توضأ الكافر الأصلي، أو المرتد، أو اغتسلا من الجنابة، أو اغتسلت الذمية
من غير حيض، ولا نفاس.. فإن الشيخ أبا حامد، والمسعودي [في "الإبانة": ق \
3] قالا: لا يصير الماء المنفصل عنهم مستعملًا وجهًا واحدًا؛ لأنه لا يجوز
لهم تأدية الصلاة بتلك الطهارة.
وإن اغتسلت الذمية من الحيض، أو
النفاس.. فهل يصير الماء المنفصل عن أعضائها الطاهرة مستعملًا؟ فيه وجهان،
بناء على الوجهين في وجوب إعادة غسلها بعد إسلامها.
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[فرع: ماء تجديد الطهارة]

وإذا
صلى الرجل بطهارة صلاة فرض.. استحب له أن يجدد الطهارة؛ لما روى أنس: «أن
النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يتوضأ لكل صلاة، طاهرًا
كان أو غير طاهر»، وروى ابن عمر: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - قال: «من توضأ على طهر.. كتب الله له به عشر حسنات».
فإذا كان على طهارة، ثم جدد الطهارة ثانيًا.. فهل يصير الماء المجدد به مستعملًا؟ اختلف أصحابنا فيه:
فقال
القاضي أبو الطيب، وأبو علي السنجي: إن أدى بالطهارة الأولى صلاة فرض..
استحب له أن يجدد الطهارة ثانيا، وهل يصير الماء المجدد به مستعملًا؟
وجهان:
وإن لم يصل بالأول.. لم يستحب له تجديد الطهارة، وإن جدد.. لم يصر الماء المجدد به مستعملًا وجهًا واحدًا.
فعلى هذا: إن صلى بالأولى صلاة نفل.. فهل يستحب له تجديد الطهارة، ويصير الماء المجدد به مستعملًا؟ فيه وجهان، حكاهما الشاشي.
وقال
أكثر أصحابنا: إذا جدد الطهارة.. فهل يصير الماء المجدد به مستعملًا؟ فيه
وجهان من غير تفصيل، وكذلك الوجهان في الماء المستعمل، في الدفعة الثانية
والثالثة في الطهارة:
أحدهما: يصير مستعملا؛ لأنه ماء استعمله في طهارة، فهو كالدفعة الأولى في الطهارة الأولى.
والثاني: لا يصير ماء مستعملًا؛ لأنه لم يرفع به حدث ولا نجس، فهو كالدفعة الرابعة في الطهارة.
وهكذا الوجهان في الماء المستعمل في كل غسل مستحب، كغسل العيدين، وما أشبههما.
وإن قام من النوم، فغسل كفيه في ماء قليل للطهارة قبل إفاضة الماء عليه.. فهل يصير الماء مستعملًا؟
قال أبو علي في "الإفصاح" فيه وجهان، كالماء المستعمل في نفل الطهارة.
ومنهم من قال: لا يصير مستعملا وجهًا واحدًا؛ لأن غسلهما لخوف النجاسة فيهما.
وإن غسل رأسه مكان مسحه.. فهل يصير مستعملا؟ فيه وجهان، ذكرهما في "الإفصاح".
كتاب: البيان في مذهب الإمام الشافعي Arrow_top.[مسألة: الماء المستعمل في إزالة النجاسة]

وأما
الماء المستعمل في إزالة النجاسة: فإن انفصل متغيرًا بالنجاسة، فهو نجس،
وإن انفصل غير متغير فإن كان لم يحكم بطهارة المحل، كالغسلات الست الأولى
من ولوغ الكلب ففيه وجهان:
أحدهما: أنه طاهر؛ لأنه ماء لا يمكن حفظه من النجاسة، فلم ينجس من غير تغيير، كالماء الكثير إذا وقعت فيه نجاسة.
والثاني
- وهو الصحيح -: أنه نجس؛ لأنه لما لم يزل النجاسة عن محلها.. كانت
النجاسة غالبة له، ولأن البلل الباقي في المحل نجس، وهو جزء منه، ولهذا لو
زيد في العصر، نزل منه من بقيته.
وإن انفصل الماء، وقد طهر المحل، كالغسلة السابعة من ولوغ الكلب.. ففيه وجهان:
أحدهما: وهو قول الأنماطي وأبي حنيفة -: (إنه نجس)؛ لأن النجاسة انتقلت إليه، فوجب أن نحكم بنجاسته.
والثاني
- وهو المذهب -: أنه طاهر؛ لما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - قال في بول الأعرابي: «صبوا عليه ذنوبًا من ماء».
ولو كان ما صب عليه ينجس.. لكان قد أمر بزيادة النجاسة في المسجد، ولأنه
من جملة البلل الباقي، وهو طاهر، فكذلك ما انفصل عنه، هذا نقل البغداديين
من أصحابنا.
وقال المسعودي في ["الإبانة": ق \ 8] الماء المزال به النجاسة إذا لم يتغير.. على قولين:
الأول: قال في الجديد: (حكمه حكم المحل بعد الغسل).
والثاني: قال في القديم: (هو طاهر بكل حال ما لم يتغير).
وخرج
الأنماطي قولًا ثالثًا، وهو: أن حكمه حكم المحل قبل ورود الماء عليه. فكل
موضع قلنا: إنه نجس فلا كلام. وكل موضع قلنا: إنه طاهر هو غير مطهر للنجس
ثانيًا، على أصح الطريقين، وهل يكون مطهرًا للحدث؟ على الوجهين في الماء
المزال به الحدث، هل يرفع به النجس؟
وإن أصاب الإناء نجاسة من غير
الكلب، فغسله أربع مرات، فإن انفصلت الأولى غير متغيرة وقد حكم بطهارة
المحل.. فإنها مستعملة وجهًا واحدًا، وهل هي طاهرة، أو نجسة؟ على وجهين،
الصحيح: أنها طاهرة.
أما الثانية والثالثة: فهما طاهرتان وجهًا واحدًا، وهل هما مستعملتان؟ فيه وجهان، كالوجهين في الدفعة الثانية والثالثة في رفع الحدث:
أحدهما: أنهما غير مستعملتين، فيجوز إزالة النجاسة بهما ثانيًا؛ لأنه ماء لم يرفع به حدث ولا نجس.
فعلى هذا: يجوز رفع الحدث به أيضًا.
والثاني: أنهما مستعملتان، فلا تجوز إزالة النجاسة بهما؛ لأنه ماء مستعمل في نفل الطهارة في النجس فهو كالمستعمل في فرضها.
فعلى هذا: يجوز رفع الحدث بهما، على الوجهين في الماء المزال به الحدث هل يزال به النجس؟
وأما الدفعة الرابعة: فهي طاهرة مطهرة وجهًا واحدًا؛ لأنها غير واجبة، ولا مستحبة في الغسل. وبالله التوفيق.
  • إرسال موضوع جديد
  • إرسال مساهمة في موضوع

الوقت/التاريخ الآن هو السبت 27 أبريل 2024, 11:29 pm